سبب قلة الشروح على (سنن النسائي)

السؤال
أرجو أن توضحوا بمزيد بسطٍ سبب قلة الشروح على (سنن النسائي).  
الجواب

(سنن النسائي) الأصل فيها (الكبرى)، وهذه لا أعرف لها شرحًا، ثم الصغرى (المجتبى) على خلافٍ بين أهل العلم فيمن اختصرها هل هي من اختصار النسائي بإشارة أمير الرملة، أو هي من اختصار ابن السني كما يُرجحه بعضهم، وهي التي عليها العمل وعليها الأطراف، أعني: (الصغرى)، وهي مشروحة بشروح قليلة بالنسبة لكتب السنة الأخرى، حتى إن (سنن ابن ماجه) أكثر منها شروحًا، و(سنن الترمذي) أكثر، و(سنن أبي داود) أكثر، فأكثر الشروح منصبة على (صحيح البخاري)، ثم (صحيح مسلم)، ثم (سنن أبي داود)، ثم (الترمذي)، ثم (ابن ماجه)، ثم في الآخر (سنن النسائي)، والسبب في ذلك -فيما يظهر لي والله أعلم- أن الشرح بدون تعرضٍ للتراجم سيكون فيه جانب نقص، والمراد بالتراجم عناوين الأبواب، فالتراجم تُطلق ويراد بها عناوين الأبواب، وكذلك يراد بها تراجم الرواة، فالمراد هنا ليس تراجم الرواة، وإنما عناوين الأبواب، لكن عناوين الأبواب في (سنن النسائي) أشبه بالعلل، ومعاناة العلل وشرحها فيه شيء من الصعوبة لا يستطيعه كثير ممن يتصدى للشرح بالرجوع إلى كتب الرجال في تراجم الرواة، وبالرجوع إلى كتب الغريب وكتب الأحكام والشروح الأخرى التي تخدم، فكثير من المتون يمكن أن تُشرح من شروح (البخاري)؛ لأنه مخرج فيها من (صحيح البخاري)، وقد تُشرح من شروح (صحيح مسلم)، وقد تُشرح من شروح بقية الكتب، لكن يبقى أن ما تفرد به النسائي من وجود هذه العلل في تراجمه عاقت عن كثرة شروحه؛ لأنه لا يليق بالشرح أن يَخرج من غير بيان لمعنى هذه الترجمة التي هي في الحقيقة علَّة للخبر، والكلام على العلل معلوم أنه لا يتصدى له إلا الأفذاذ من أهل الحديث، ويُلاحظ أنَّ من له عناية بالعلل يَندر أن يشرح متونًا؛ فالذين لهم عناية بالعلل لا يتصدون لشرح المتن، والذين لهم عناية بشرح المتون كثير منهم لا يستطيع أن يتطاول على شرح هذه التراجم التي هي في حقيقتها علل، نعم عليه تعليقات، قَلَّ منها مَن يبين الاختلاف الذي يشير إليه النسائي -رحمه الله-، فعليه تعليقات للسيوطي، وللسندي، ومن المتأخرين الشيخ محمد المختار الشنقيطي، والشيخ محمد علي آدم الأثيوبي، شروح موجودة ونافعة في الجملة، لكن لا يوجد شرح يجمع بين الكلام على هذه العلل، ويوفي شرح الحديث حقَّه، إلا أنه يوجد من تكلم على العلل بانفراد في رسائل جامعية، فتوجد رسائل جامعية في جامعة الإمام تُكُلِّم فيها على هذه العلل، ووجد من يشرح الأحاديث -متونها وأسانيدها- بشيء من البسط كما في (شرح الشيخ محمد علي آدم)، فإذا ضُم هذا إلى هذا اكتملت الصورة، ويُمكن أن يُستخرج شرحٌ متكاملٌ من جميع هذه الجهود بالتوفيق بينها.