تعيين المبهمات في القرآن

السؤال
هل كل ما جاء في القرآن من المبهمات يلزمُنا الكشف والتنقيب عنه؟
الجواب

ما جاء من المبهمات في القرآن فإن ورد تعيينه في القرآن أو في صحيح السنة فإنّه يعتمد عليه ويعول عليه، ويَلزم تعيينه بما ثبت عن الله وعن رسوله –صلى الله عليه وسلم-، ولا يجوز العدول عنه إلى غيره، وأما ما لم يثبت فيه شيء فإنه لا يجوز تعيينه بمجرد الرأي ولا بالاعتماد على الإسرائيليات كما يفعل كثير من المفسرين، فإن الذي يعين المبهم يجزم بأن هذا مراد الله -جل وعلا- من هذا المبهم في هذا الموضع، وهذا لا شك أنه افتيات وقول على الله بلا علم، وكل ما كان فيه منفعة ومصلحة من جراء تعيينه فقد جاء تعيينه في الكتاب أو في صحيح السنة، وما لا فائدة ولا منفعة فيه مما كُلِفَ به بعضُ المفسرين وحاولوا أن يعينوه فإن هذا لا فائدة في تعيينه، ولم يرد به شيء، فعلى المسلم ألّا يشتغل به ولا يعتني به، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يقول في (مجموع الفتاوى): (الاختلاف في التفسير على نوعين منه ما مستنده النقل فقط، ومنه ما يعلم بغير ذلك، إذ العلم إما نقل مصدَّق، وإما استدلال محقق، والمنقول إما عن المعصوم، أو عن غيرِ المعصوم، والمقصود بأن جنس المنقول سواء كان عن المعصوم أو غير المعصوم، وهذا هو النوع الأول منه ما يمكن معرفةُ الصحيح منه والضعيف، ومنه ما لا يمكن معرفة ذلك، وهذا "القسم الثاني من المنقول" وهو ما لا طريق لنا إلى الجزم بالصدق منه عامَّتُه مما لا فائدة فيه، فالكلام فيه من فضول الكلام. وأما ما يـحتاج المسلمون إلى معرفته فإنّ الله نصب على الحق فيه دليلاً، فمثال ما لا يفيد ولا دليل على الصحيح منه اختلافهم في لون كلب أصحاب الكهف -تَعْجَب لمَّا يُغْرَم بعضُ المفسرين الذين يعتنون بالإسرائيليات بلون كلب أصحاب الكهف!- وفي البعض الذي ضرب به موسى من البقرة -هل هو من يدها أو من رجلها أو من ذيلها أو من كذا، هل يترتب على ذلك فائدة؟- وفي مقدار سفينة نوح -يعني كم طولها؟ وكم عرضها؟- وما كان خشبها، وفي اسم الغلام الذي قتله الخضر، ونحو ذلك).

وعلى كل حال مبهمات القرآن فيها مصنَّفات، صنَّف في ذلك السهيلي، وكتابه مطبوع، وكذلك السيوطي له كتاب اسمه (مفحمات الأقران في مبهمات القرآن) وفي هذين الكتابين مما وجد في كتب التفسير مما لا يثبت، ومثل ما قال شيخ الإسلام أن تتبع مثل هذا لا خير فيه، لا سيما إذا كان لا يترتب عليه فائدة.