المفاضلة بين صيام الاثنين والخميس وبين صيام ثلاثة أيام من كل شهر

السؤال
أيهما أفضل صيام الاثنين والخميس قدر المستطاع، أم صيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ تطبيقًا للسنة؟
وماذا لو توافقت الأيام البيض مع الجمعة والسبت والأحد؟
الجواب

صيام النفل أجره عظيم، فقد ثبت في الصحيح عند البخاري وغيره أن «من صام يومًا في سبيل الله، بعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا» [البخاري: 2840]، على خلاف بين أهل العلم في المراد بـ«سبيل الله»، فمنهم مَن يحمله على الجهاد في سبيله، وترجم عليه الإمام البخاري في كتاب الجهاد والسير: (باب فضل الصوم في سبيل الله)، ومنهم مَن يحمله على ما هو أعم من ذلك، وأن المراد بذلك: يبتغي بذلك وجه الله.

وعلى كل حال الصيام لا شك في فضله -أعني صيام النفل، فضلًا عن الواجب-، وجاء الحث على صيام الاثنين والخميس، وأنهما يومان ترفع فيهما الأعمال، وما جاء في صيام الاثنين أكثر مما جاء في صيام الخميس وأقوى وأصح، وصيام ثلاثة أيامٍ من كل شهر جاءت وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي هريرة وأبي الدرداء –رضي الله عنهما- بثلاث خصالٍ منها: «صيام ثلاثة أيام من كل شهر» [البخاري: 1981]، وجاء تحديد الثلاثة بالأيام البيض: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر.

والمفاضلة المسؤول عنها إنما هي فيما إذا تساوى العدد، ففرَّق مريدُ صيام النفل الثلاثةَ الأيام، فصام الاثنين والخميس والاثنين الذي يليه –مثلًا-، أو الاثنين ثلاث مرات، يعني في ثلاثة أسابيع، أو الخميس في ثلاثة أسابيع، فهي ثلاثة، في مقابل ثلاثة أيام من كل شهر، ولتكن الأيام البيض –مثلًا-، هنا تأتي المفاضلة، لكن لو صام الاثنين في الشهر كله في أربعة أسابيع لا شك أنه زاد عنده يومٌ، أو صام الاثنين والخميس زاد عنده خمسةُ أيام؛ لأنها ثمانية أيام من الاثنين والخميس في الشهر كله.

وعلى كل حال صيام ثلاثة أيام من كل شهر تُعادل صيام الدهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، فثلاثةُ الأيام عن الشهر كله، ويبقى أن تأتي خصوصيات ومزايا لأيام أُخر فمثل: يوم عرفة يكفِّر السنتين الماضية واللاحقة، وصيام يوم عاشوراء يكفِّر سنة، وصيام الست جاء الترغيب فيه «من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر» [مسلم: 1164]، على أن المشبَّه به وهو صيام الدهر جاء النهي عنه، لكن ذلك في الأجر، والتشبيه لا يلزم أن يكون مِن كل وجه، فالتشبيه كأن هذا حاز أجر صيام الدهر كله، وإن لم يدخل في النهي الذي جاء في صيام الدهر كله «لا صام مَن صام الأبد» [البخاري: 1977]، وعلى كل حال الصيام كله خير، يُستثنى من ذلك الأيام التي جاء النهي عن صيامها، كالعيدين وأيام التشريق، وما جاءت النصوص بكراهية تخصيصه بالصيام كيوم الجمعة –مثلًا-.

على كل حال المفاضلة هنا الكلُّ على خير، فمَن تابع صيام الاثنين؛ لأنه يومٌ وُلِد فيه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويومٌ تُرفع فيه الأعمال مستحضرًا هذا له أجره وثوابه، ومَن صام الخميس؛ لأنه أيضًا تُرفع فيه الأعمال، ومَن صام الأيام البيض واقتصر عليها كان كمن صام الدهر، والله أعلم.

يقول: (ماذا لو توافقت الأيام البيض مع الجمعة والسبت والأحد؟)، ليس فيه إشكال؛ لأنه صامها على أنها البيض، ولم يُفرد واحدًا منها، والكراهية إنما هي في الإفراد وتخصيصها بالصيام.