عدة المُخْتَلِعَة

السؤال
طلبتُ من زوجي الخلع بعد خلاف طويل، وتمَّ لي بعد ذلك ما أردتُ، وخلعني، فهل عليَّ عدة كالمطلقة أو ليس عليَّ عدة؟
الجواب

جاء في (سنن أبي داود) وغيره من كتب السنة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- "أن امرأة ثابت بن قيس اختلعتْ منه، فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عدتها حيضة" [أبو داود: 2229]، يعني: مجرد استبراء وليست عدة.

يقول ابن القيم في (زاد المعاد): (وهذا كما أنه موجب السنة -أن عليها حيضة واحدة-، وقضاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وموافق لأقوال الصحابة، فهو مقتضى القياس، فإنه استبراء لمجرد العلم ببراءة الرحم، فكفتْ فيه حيضة)؛ لأن الحيضة تكفي، وقال أيضًا: (وفي أمره -صلى الله عليه وسلم- المختلعة أن تعتد بحيضة واحدة دليل على أنه لا يجب عليها ثلاث حيض، بل تكفيها حيضة واحدة، وهذا كما أنه صريح السنة فهو مذهب أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وعبد الله بن عمر، والربيِّع بنت معوِّذ، وهو أيضًا معروف عن كثير من الصحابة ولا يُعرف لهم مخالف)، ونسب ابن قدامة في (المغني) القول بأنها كالمطلقة تعتد بثلاث حيض للجمهور، واشترط شيخ الإسلام لصحة الاعتداد والاستبراء بحيضة واحدة ألَّا يكون الخلع حيلةً، فإذا كان الخلع حيلةً فحكمه حكم الطلاق، تعتد له بثلاث حيض.

ويكون حيلة كأن يحتاج الزوج إلى الوقت، ويريد أن يَنكح بعدها امرأة أخرى بأن تكون رابعة، فبدلًا من أن ينتظر ثلاث حيض -ثلاثة أشهر أو أكثر- يطلب منها شيئًا من المال، ويقول: (اختلعي)؛ لتعتد بحيضة واحدة وتَخرج من عهدته، وله أن يتزوج بغيرها، فمثل هذا لا بد أن تعتد بالثلاث حيض؛ معاقبةً له بنقيض قصده، والله أعلم، ومعلوم أن مَن طلَّق الرابعة ينتظر حتى تنتهي من عدتها إذا كانت رجعية بإجماع؛ لأنها في ذمته، والكلام على ما إذا كانت بائنًا، وهذه مسألة خلافية، والمرجَّح عند كثير من أهل العلم أنها كالرجعية.