كيفية ترويض النفس على العبادة وتلاوة القرآن وتدبره استعدادًا لرمضان

السؤال
كيف يروِّض الإنسان نفسه على العبادة وتلاوة القرآن وتدبره؛ حتى لا يثقل عليه الأمر عند دخول شهر رمضان المبارك؟
الجواب

يبدأ بالتلاوة والعبادة بالتدريج، فيبدأ بقراءة مقدار من القرآن لا يشق عليه ولا يثقل عليه في أول الأمر، وليكن جزءًا من القرآن في اليوم، ثم بعد ذلك يزيد على هذا الجزء، ثم يزيد يزيد مع الوقت بعد أن ألِف التلاوة وألِف التدبر والترتيل، وكذلك الصلوات، يصلي ركعتين ثم يزيد ركعتين وهكذا إلى أن يألف العبادة وتصير ديدنًا له، ويتلذَّذ بها بعد أن يجاهد نفسه عليها، ومع التدريج والوقت يسهل عليه الأمر، وقد قال مَن قال مِن السلف: (كابدنا قيام الليل عشرين سنة، وتلذَّذنا به عشرين سنة)، أما الذي لم يتعوَّد ولم يمرِّن نفسه ولم يوطِّنها على العبادة لا شك أنها تكون ثقيلة عليه، ونحن نرى من يجاور في بيت الله الحرام في مكة المكرمة في العشر الأواخر، يَهجر وطنه وأهله ويسكن هناك من أجل أن يتفرَّغ للعبادة، ويفتح المصحف وليس له سابق معاملة مع القرآن، يأتي فجأة ليقرأ، ويسمع ما يقال عن السلف من أنهم يختمون القرآن في ليلة، ويحاول أن يتشبَّه بهم، وأنّى له ذلك؟! ورأيناهم، يأتي بعضهم إلى المسجد الحرام ويَلزم عمودًا من أعمدته من صلاة العصر إلى أن ينتهي من صلاة التراويح، ويفتح المصحف بعد صلاة العصر، لم يتعرَّف على الله في الرخاء، الآن بدأ، وفي سائر أيامه طول العام مفرِّط ومضيِّع، وليس له ورد ولا حزب يومي من القرآن، فإنه لا يستطيع أن يتابع ويواصل القراءة، وقد رأيناهم، يفتح أحدهم المصحف ويُقلِّب بصره في الغادي والرائح، ثم بعد ذلك إن جاء إليه أحد وإلا أطبق المصحف وذهب يبحث عن الناس؛ لأنه طول أيامه في القيل والقال، أما الذي تعوَّد، فشاهدناهم ولاحظناهم، يفتح المصحف منذ أن يصلي العصر إلى أن يؤذن المغرب ثلاث ساعات متواصلة يقرأ فيها عشرة أجزاء؛ لأنه تعوَّد، وفي الحديث الصحيح: «تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة» [مسند أحمد: 2803]، أما أن تأتي مباشرة وليس لك سابق معاملة فإنك حينئذٍ لا تُعان على ذلك، فلا بد أن يكون هذا المران بالتدريج، قليل ثم يزيد عليه شيئًا فشيئًا إلى أن يجد نفسه من أهل القرآن، ومن أهل العبادة، ومن أهل الصيام، ومن أهل القيام، والله المستعان.