وسؤال آخر: كان عليَّ قضاء أربعة أيام من رمضان فصمتُ الأربعة، وصمتُ زيادةً عليها يومين، فهل يحصل لي بهذا أجر الست من شوال؟
وسؤال ثالث: نظرًا لظروف عملي فإني أحب أن أصوم الست من شوال في أيام متفرقة، حيث يشق علي تواصلها، فهل يفوتني الأجر إذا فرقتها؟
بالنسبة للسؤال الأول: التي صامت خمسة أيام، ثم أفطرتْ بسبب نزول العادة، وانتهى الشهر، على كل حال لها أجر خمسة الأيام، والست لا بد أن تكون كاملة؛ ليحصل الثواب المرتَّب عليها مع صيام شهر رمضان، «من صام رمضان ثم أَتْبَعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر» [مسلم: 1164]؛ لأن الشهر عن عشرة أشهر، والستة عن ستين يومًا، أي: عن شهرين، وبهذا الحساب فسَّر العلماء ما ورد في الحديث «من صام رمضان ثم أَتْبَعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر»، والحسنة بعشر أمثالها، فالشهر –رمضان- عن عشرة أشهر، والست عن شهرين، فكأنما صام الدهر كله.
أما إذا صام خمسة أيام من شوال -كما جاء في السؤال- والسادس من شهر ذي القعدة فلا يحصل له الأجر المرتَّب في هذا الحديث؛ لأن هذه الست الملحقة برمضان يحصل له في الحساب المذكور عند أهل العلم مثل صيام رمضان، بخلاف ما إذا وقع الصيام في شهر آخر -كحال السائلة-.
والسائلة إنما تركت الصيام لعذر شرعي، والعلماء يختلفون في المرأة إذا تركت الصلاة –مثلًا- بسبب الحيض، فهي يجب عليها أن تترك الصلاة ولا تقضي، فهل يُكتَب لها ما كانت تعمله قبل نزول العادة كالمريض والمسافر؟ مسألة خلافية بين أهل العلم، منهم مَن يقول: إنه يُكتب لها ذلك، والمانع لها عذر شرعي، وكانت نيَّتها أن تعمل هذه العبادة لولا هذا العذر، ومنهم مَن يقول: لا، ولو كان يُكتَب لها ما ذُكِر أنه نقص، فالمرأة ناقصة عقل ودين، ونقص عقلها؛ لأن شهادتها على النصف من شهادة الرجل، ونقص دينها أنها تمكث الأيام لا تصوم ولا تصلي [يُنظر: البخاري: 304]، فلو كان يُكتَب لها ما كانت تعمله قبل ذلك كالمريض لما صار نقصًا، ولذلك الرجل يمرض ويَترك، والمسافر يسافر ويَترك شطر الصلاة، وقد يُفطر في رمضان، ولا سُمِّي هذا نقصًا في دينه؛ لأنه يُكتَب له، بخلاف المرأة إذا حاضت، وفضل الله واسع، وهو أرحم الراحمين، وهذا شيءٌ كتبه الله على بنات آدم، وهو الحكيم الخبير اللطيف بعباده، والله أعلم.
في السؤال الثاني الذي جاء بعد ذلك: امرأة كان عليها قضاء أربعة أيام من رمضان، فصامت الأربعة وضمَّت زيادةً عليها يومين، فهل يحصل لها بهذا أجر الست؟ لا؛ لأنه في الحديث: «من صام رمضان ثم أَتْبَعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر»، فهذه الست من غير رمضان، وهذه لا يصح أنها أتبعت رمضان بستٍّ، وإنما أتبعت رمضان بيومين، ويبقى عليها أربعة، فالستُّ غير القضاء.
وسؤال الذي يقول: (نظرًا لظروف عمله فإنه يحب أن يصوم الست من شوال في أيام متفرقة، حيث يشق عليه تواصلها)، يحصل له الأجر، ولا يلزم التتابع فيها، فإذا وقعت الستة الأيام في شوال سواء كانت في أوله أو في أثنائه أو في آخره أو متفرِّقة حصل له الأجر -إن شاء الله تعالى-.