درجة حديث: «ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس»

السؤال
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس»، هل هذا الحديث صحيح؟
الجواب

هذا الحديث المذكور في السؤال رواه ابن ماجه عن سهل بن سعد الساعدي –رضي الله عنه-، قال: أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجلٌ، فقال: يا رسول الله، دُلَّني على عمل إذا أنا عملتُه أحبني الله وأحبني الناس، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك» [4102].

يقول البوصيري في (مصباح الزجاجة): (هذا إسنادٌ ضعيف، خالد بن عمروٍ قال أحمد وابن معين: أحاديثه موضوعة، وقال البخاري وأبو زرعة: منكر الحديث، وقال ابن حبان: كان ينفرد عن الثقات بالموضوعات لا يحلُّ الاحتجاج بخبره. وضعَّفه أبو داود والنسائي، وقال ابن عدي: عامة أحاديثه أو كلها موضوعة. وأورد العقيلي هذا الحديث بهذا الإسناد وقال: ليس له أصل من حديث الثوري. انتهى. وأورده ابن الجوزي في العلل المتناهية من طريق خالد بن عمرو –المذكور- وضعَّف الحديث به، -لكن- النووي -رحمه الله- عقّب هذا الحديث بقوله: رواه ابن ماجه وغيره بأسانيد حسنة، -وكأنه نظر إلى الشاهد أو المتابعة التي سنذكرها-. وقال الحافظ عبد العظيم المنذري في كتاب الزهد من الترغيب والترهيب: قد حسَّن بعض مشايخنا إسناده وفيه بُعد؛ لأنه من رواية خالد بن عمرو، وقد تُرِك واتُّهِمَ، ولم أر مَن وثَّقه، لكن على هذا الحديث لامعة من أنوار النبوة، ولا يمنع كون راويه ضعيفًا أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله؛ -لأن ضعيف الحفظ قد يضبط، وليس كل ما يقوله مخالفًا للواقع، كما أن الثقة قد يَهِم، لكن الحكم للغالب، فالضعيف قد يضبط وحينئذٍ قال: ولا يمنع كون راويه ضعيفًا أن يكون النبي -صلى الله عليه وسلم- قاله، يقول المنذري:- وقد تابعه عليه محمد بن كثير الصنعاني عن سفيان، ومحمد هذا قد وُثِّق على ضعفه، وهو أصلح حالًا من خالد)، وإلَّا فالأصل أن الطريق الأول -طريق ابن ماجه- لا يَقبل الانجبار؛ لأن ضعفه شديد، وبهذه المتابعة قد يكون تحسين النووي من أجلها، وعلى كل حال قلنا: إنه شديد الضعف، لكن موضوع الحديث «ازهد في الدنيا يحبك الله»، هذا الكلام صحيح، «وازهد فيما في أيدي الناس يحبوك»، فمعنى الحديث صحيح، ولا يلزم من ضعفه أن يكون المعنى ليس بصحيح، ولا يلزم من صحة معناه أن يكون صحيحًا أو ثابتًا، والله أعلم.