استدلال المجد في (المنتقى) على أن طهارة السُّترة شرط للصلاة

السؤال
في الحديث أن امرأةً قالت للنبي –صلى الله عليه وسلم-: أرأيتَ إحدانا تحيض في الثوب، كيف تصنع؟ قال: «تحتُّه، ثم تقرصه بالماء، وتنضحه، وتصلي فيه» [البخاري: 227]، قال المجد في (المنتقى): (وفيه دليلٌ على أن دم الحيض لا يُعفى عن يسيره وإن قَلَّ؛ لعمومه، وأن طهارة السُّترة شرط للصلاة)، سؤالي: أين وجه الاستدلال من الحديث على أن طهارة السُّترة شرط للصلاة؟
الجواب

الحديث فيه الاحتياط لدم الحيض على وجه الخصوص، وأنه يُحتُّ، ويُقرص بالماء، ويُنضح، والنضح المراد به هنا الغسل، كما يُطلق الرش ويُراد به الغسل، وعلى كل حال تُصلي فيه إذا فعلتْ هذه الأشياء ولو لم يذهب الأثر.

والسؤال عن كلام مجد الدين ابن تيمية جدِّ شيخ الإسلام في (منتقى الأخبار)، قال: (وفيه دليلٌ على أن دم الحيض لا يُعفى عن يسيره وإن قَلَّ)؛ لأن فيه هذه الاحتياطات: الحتُّ، والقرص، والنضح، كل هذه تدل على أنه لا يُعفى عن يسيره، فما اكتُفي بالغسل فقط بدون الحتِّ والقرص، مما يدل على أنه نجس نجاسة لا يُعفى عن يسيرها، قال المجد: (وفيه دليلٌ على أن دم الحيض لا يُعفى عن يسيره وإن قَلَّ؛ لعمومه -لعموم هذا الحديث- وأن طهارة السُّترة شرطٌ للصلاة)، يقول السائل: (سؤالي: أين وجه الاستدلال من الحديث على أن طهارة السُّترة شرطٌ للصلاة؟)، كأن السائل ذهب إلى السُّترة التي يتَّخذها المصلي أمامه دون المارين بين يديه، ولا شك أن هذا الفهم بعيدٌ جدًّا، والمراد بالسُّترة: التي تُستَر بها العورة، وستْر العورة شرطٌ للصلاة، وطهارتها شرط؛ ولذا يقول أهل العلم: إذا كان النهي عائدًا إلى ذات العبادة أو شرطها فإنها تبطل، وإذا كان النهي عائدًا إلى أمرٍ خارج عن الذات والشرط، فإنها تصح مع التحريم، ومثَّلوا لذلك بمَن صلى من الرجال وقد ستر عورته بحرير، فالصلاة حينئذٍ باطلة؛ لأن النهي عاد إلى شرط العبادة، بخلاف ما لو صلى وعلى رأسه عمامة حرير، فإن الصلاة صحيحة مع الإثم؛ لأنه لبس الحرير وهو مُحرَّم على الرجال؛ لأن النهي عاد إلى أمرٍ خارج عن العبادة وعن شرطها.

فالسُّترة شرط بلا إشكال، ويُطلب فيها ما يُطلب لذات الصلاة، فإذا عاد النهي إليها بطلت العبادة، بخلاف ما لو كان النهي عائدًا إلى أمرٍ خارج كعمامة حريرٍ أو خاتم ذهبٍ أو ما أشبه ذلك، فإن هذا لا يؤثِّر في صحة الصلاة، لكنه حرامٌ على الرجال.

والظاهرية لا يفرِّقون بين هذه الأمور، فكل نهي يقتضي التحريم والبطلان، ولكن الجمهور على ما ذكرنا آنفًا، والله أعلم.