جاء في (صحيح البخاري) فيما يتعلَّق بالحبة السوداء عن عائشة –رضي الله تعالى عنها- أنها سمعت النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: «إن هذه الحبة السوداء شفاءٌ مِن كلِّ داء، إلا من السَّام» قلتُ: وما السَّام؟ قال: «الموت» [5687]، هذا الحديث في الصحيح، ويُثبِت أن هذه الحبة السوداء نافعة -بإذن الله-، وجعل الله فيها من الشفاء ما جعل، لكن لا يُتعلَّق بها وتُدفَع بها العين، ويُستشفى بها من الأمراض المعنويَّة، لا، هذا دواءٌ حسِّي يُعالج به الأمراض الحسيَّة.
وتبخير البيت ورشُّ جوانبه؛ لدفع العين والشياطين هذا من التعلُّق بهذه الحبة السوداء، ولكن فيها أشفيه من كل داء كما جاء في الحديث الصحيح.
وفي (شرح النووي على مسلم) يقول: (ذكر القاضي عياض كلام المازري الذي قدَّمناه -نقله النووي في موضعٍ سابق-، ثم قال: وذكر الأطباء في منفعة الحبة السوداء التي هي الشونيز أشياء كثيرة وخواص عجيبة يُصدِّقها قوله –صلى الله عليه وسلم- فيها)، يعني: قوله: «إن هذه الحبة السوداء شفاءٌ مِن كلِّ داء، إلا من السَّام».
على كل حال هي مُجرَّبة في أدواء كثيرة، ونفع الله بها نفعًا عظيمًا؛ تحقيقًا لما ذكره النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيُستفاد منها بحسب التجربة، فإذا جُرِّبتْ ونفعتْ فيُستفاد منها، وقد حصل ذلك أنها جُرِّبت في أمراض كثيرة، ونفع الله بها مصداقًا لما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، أمَّا أنها يُعالج بها أمراض معنويَّة، ويُتعلَّق بها في دفع العين والشياطين، فهذا ضربٌ من الشِّرك، والله أعلم.