كرامات الأولياء والصالحين، وبعض أمثلتها

السؤال
ما كرامات الأولياء الصالحين؟ وهل يوجد لها أمثلة؟
الجواب

من أصول أهل السنة والجماعة التصديق بكرامات الأولياء وما يُجري الله على أيديهم من خوارق العادات في أنواع العلوم والمكاشفات، وأنواع القدرة والتأثيرات، وكالمأثور عن سالف الأمم في سورة الكهف وغيرها -هذه كرامة لهم أن الله حفظ أبدانهم من التلف وقد لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا-، وعن صدر هذه الأمة من الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين، وسائر قرون الأمة، وهي موجودة فيها إلى يوم القيامة.

يقول شيخ الإسلام في (مختصر الفتاوى المصرية): (كرامات الأولياء حق باتفاق أئمة أهل الإسلام والسنة والجماعة، وقد دلَّ عليها القرآن في غير موضع، والأحاديث الصحيحة، والآثار المتواترة عن الصحابة والتابعين وغيرهم).

ومن الأمثلة للكرامات: ذكر-رحمه الله- في (الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان)؛ لأنه كما تُدَّعى الكرامات للأولياء يدَّعيها أولياء الشيطان من المخارق والأمور التي قد يشاركهم فيها الشياطين، فتظنُّ كراماتٍ فتلتبس على العامي، ولكن الفيصل في ذلك والفارق أن تُعرض الأعمال على الكتاب والسنة، فمَن وافقتْ أعماله الكتاب والسنة فهي كرامة من الله -جل علا-، ومن خالفتْ أعماله الكتاب والسنة فهي مخارق شيطانية، يقول في (الفرقان): (وأما ما نعرفه نحن عيانًا، ونعرفه في هذا الزمان فكثير، ومما ينبغي أن يُعرف أن الكرامات قد تكون بحسب حاجة الرجل، فإذا احتاج إليها الضعيف الإيمان أو المحتاج أتاه منها ما يقوِّي إيمانه، ويَسدُّ حاجته، ويكون مَن هو أكمل ولايةً لله منه مستغنيًا عن ذلك، فلا يأتيه مثل ذلك)، يعني: فلا ينخدع الأضعف إيمانًا بالكرامة التي أُعطيها من أجل أن يَثبت إيمانه ويتقوَّى، فيظن أنه أفضل ممن هو أفضل منه ممن لم يُقدَّر له ذلك؛ لاستغنائه عنها، يقول: (ولهذا كانت هذه الأمور في التابعين أكثر منها في الصحابة، بخلاف مَن يجري على يديه الخوارق لهدي الخلق ولحاجتهم فهؤلاء أعظم درجة)؛ لأن بعض الدعاة قد يحتاج إلى شيء من هذه الخوارق؛ من أجل أن يُستجاب لهم، حيث إن العامة يؤثِّر فيهم مثل هذه الأمور، فلو أن داعية احتاج لدعوة قوم إلى إنزال المطر، بأن أرادوا أن يختبروه فقالوا: (إن نزل المطر علينا آمنا، وإلَّا فلا)، فدعا الله -جل علا- فأنزل المطر، فهذا احتاجه لحاجة هدي الخلق كما قال شيخ الإسلام، والله المستعان.

وقد جرى لبعض التابعين مثل: أبي مسلم الخولاني الذي أُلقي في النار، فإنه مشى هو ومَن معه من العسكر على دجلة وهي ترمي بالخشب من مدِّها، ثم التفتَ إلى أصحابه فقال: تفقدون من متاعكم شيئًا حتى أدعو الله -عز وجل- فيه؟ فقال بعضهم: فقدتُ مخلاةً، فقال: اتبعني، فتبعه فوجدها قد تعلَّقتْ بشيء فأخذها، وطلبه -يعني: أبا مسلم الخولاني- الأسودُ العنسيُّ لما ادَّعى النبوة فقال له: أتشهد أني رسول الله؟ قال: ما أسمع، قال: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ قال: نعم، فأمر بنار فأُلقي فيها، فوجدوه قائمًا يصلي فيها وقد صارت عليه بردًا وسلامًا. إلى غير ذلك مما ذكره أهل العلم وأهل التراجم في كتبهم عن خيار هذه الأمة وأئمتها، والله المستعان.