مبرِّر المبيت خارج حدود منى

السؤال
متى تكون الضرورة مستدعية للمبيت خارج حدود منى؟
الجواب

المبيت بمنى من أهل العلم من قال بأنه ركن من أركان الحج لا يصح إلا به كالوقوف بعرفة، ولا شك أن هذا قول شديد يجعل الإنسان يحتاط لنفسه.

ومنهم من يرى أن المبيت واجب من واجبات الحج، يأثم بتركه ويلزمه إذا تركه دم.

ومنهم من قال بسنيَّته وأنه مستحب.

لكن أعدل الأقوال في المسألة أنه واجب، وليس بركن؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رخَّص للرعاة والسقاة بتركه [البخاري: 1634 / وأبو داود: 1975]، ولو كان ركنًا ما رخَّص فيه، وليس بسنة؛ لأنهم احتاجوا إلى الترخيص، ولو كان سنة لما احتاجوا إليه.

فالمبرِّر للمبيت خارج منى ألَّا يجد مكانًا، فإن كان ممن يحتمل المبيت في الطرقات ولا خطر عليه في ذلك فالذي يتعيَّن عليه أن يبيت؛ لأنها من منى، أما قوله: هذا المكان لا يليق به، كيف لا يليق به؟ هذا مبيت، وهذا من منى، وهذا من هذا المشعر العظيم، وهو -أيضًا- لازم لك أيها الحاج، لكن إن خشيتَ على نفسك الضرر، بأن تُدهس بالسيارات أو ينالك ضرر فحينئذٍ {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحـج: 78].

ومَن معه نساء وخشي أن يتعرضنَ لأذية الناس بأنظارهم أو بمزاحماتهم، أو معه أطفال خشي عليهم من السيارات، لا يلزمه أن يفترش الطرقات، أما إذا كان شابًّا قويًّا نشيطًا لا خوف عليه ولا ضرر فإنه يلزمه حينئذٍ المبيت، فإذا بحث عن مكان، فما تكفي الإشاعة أن الحجاج كثير، وأن منى قد ضاقت بهم، لا، بل لا بد أن يطَّلع بنفسه، وكثير من الناس يتساهل في هذا الأمر، ويستصحب الأصل أن الحجاج كثير، وأن منى تضيق بهم ولا تستوعبهم، فيقول: (إذن لا داعي لأن أخرج للبحث)، لا، لا بد أن تخرج، فإذا بحثتَ ولم تجد مكانًا فتبيت بأقرب مكان إلى الحجاج، وإن بتَّ في مكان أبعد عنه باعتبار أن الأماكن غير المشعر المحدَّد تتساوى، فلا حرج -إن شاء الله تعالى- إذا كان في حدود الحرم.