الضابط في تعامل العلماء مع الحكام

السؤال
عندما نقرأ في سير العلماء نجد البعض يتعامل بشدة مع الحكام، ونجد البعض يتعامل برفق ولين ومداراة، ومنهم مَن يخرج عن إطار السنة، فما الضابط في ذلك؟
الجواب

الضابط في التوجيه الإلهي: {قُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} [طه: ٤٤]، واللين والرفق «لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه» [مسلم: 2594]، فعلينا بالرفق واللين، لا سيما في مثل الظروف التي نعيشها، وقد كان الحاكم والخليفة فيما قبل يُنكَر عليه وهو على المنبر، لماذا؟ لأن الناس كلهم على قلب رجل واحد، وكلهم على سمْت وهدي واحد، وكلهم يستنكرون ما فعله، وبذلك يرجع إليهم، لكن الآن إذا أنكرتَ على الإمام -ولا يأتي زمان إلا والذي بعده شرٌّ منه- يترتب على ذلك من المفاسد أكثر مما يترتب عليه من المصالح؛ لأن حظوظ النفس ملحوظة، وكثير من الحضور لا يوافقك على هذا؛ لأن الناس تفاوتت درجاتهم في الاستقامة، وقد كانوا في عهد الصحابة -رضي الله عنهم- يقوم أبو سعيد -رضي الله عنه- وينكر على الإمام، والبقية حاضرون، لكن مع ضمان المفسدة، فما يوجد أحد سيفهم من هذا التصرف أن هذا الإمام لا قيمة له، ويَخِف وزنه عند رعيَّته، أبدًا، وإنما هذا منكر يُغيَّر بالأسلوب المناسب، وقد يكون مناسبًا في وقته، لكن في وقتنا تترتب عليه من الآثار والمفاسد أكثر مما يترتب عليه من المصلحة، وأهل العلم قاطبة يقرِّرون أن إنكار المنكر إذا ترتب عليه مفسدة أعظم من هذا المنكر أنه لا يجوز، ويُنتقَل من مرتبةٍ إلى مرتبة فيما يُحقِّق المصلحة، ويَدرأ المفسدة.

وعلى كل حال الأصل هو الرفق واللين، {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: ١٢٥]، هذا الأصل.