العلاقة بين معاصي الأولاد وبين ما يحصل للأب من مرضٍ أو وفاة

السؤال
سؤال حيَّرني جدًّا وأقلقني إلى هذه الساعة: هل هناك علاقة بين ما يحصل للأب من مرضٍ أو وفاة، وبين ما يحصل من بعض أولاده من المعاصي؟ حيث إن أبي كان سليمًا، وسافرتُ إلى الخارج، واقترفتُ بعض المعاصي، فمَرِض حينئذٍ بالسرطان، ثم لمَّا جاء وقتٌ رجعتُ وقارفتُ بعض المعاصي، فزاد مرضه، ثم في الثالثة لمَّا عدتُ لتلك المعاصي كذلك تُوفِّي -رحمه الله- في نفس اليوم، فهل يُعاقَب الآباء بأبنائهم، علمًا بأن أبي رجل صالح محافظ، ولا نُزكِّي على الله أحدًا؟
الجواب

أولًا: كما قال الله -جل وعلا-: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164]، لكن قد يكون الوالد متسبِّبا في بعض ما يفعله الولد، إما ببذلِ أسبابٍ وتيسيرِ أمورٍ لهذه المعاصي، أو لتقصير في نهي عن هذا المنكر، أما إذا أدَّى ما عليه، وبذل الأسباب، ثم بعد ذلك ارتكب ولدُه المعاصي، أو قصَّر في الواجبات، فهذا لا يضيره شيئًا.

لكن بعض الآباء من شدَّة غيرته على أولاده تجده مع تقصيرهم يُصاب ببعض الأمراض؛ لأن الأولاد في سويداء القلب بالنسبة للآباء والأمهات، يُحزنهم ما يُحزنهم، ويُفرحهم ويَسرُّهم ما يَسرُّهم، فإذا ارتكبوا هذه المخالفات مع اتصاف الوالدين بالاستقامة فلا شك أن هذا له أثر كبير على قلوبهم، وكثير من الأمراض التي سببها الغضب، كضغط الدم أو السكري -مثلًا-، يُصاب به الوالد ببعض تصرُّفات الأولاد، فتجد الوالد يأخذ وقتًا طويلًا لإيقاظ الأولاد لصلاة الفجر -مثلًا-، ثم بعد ذلك يتعب بسبب إيقاظهم، ولا شك أن هذا له أثر كبير على صحته، وقد يُصاب بما هو فوق ذلك، وكم من شخص أُصيب بجلطات بسبب الأولاد وتصرُّفاتهم، فليتقِ الله -جلَّ وعلا- هؤلاء الأولاد أن يجنوا على آبائهم وهم لا يشعرون.

ويُقلِق الآباء انحراف الأولاد، فتجد الأب يغضب من أجل أن يَصلح هذا الولد ويستقيم حاله، وتجده يُلِح عليه ويُصِر، نعم الغضب ليس بأسلوب مناسب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «لا تغضب» [البخاري: 6116]، لكن بعض الناس لا يستطيع التوفيق بين هذا وهذا، والغضب لله -جلَّ وعلا- والغيرة لله -جلَّ وعلا- يُثاب عليها، فرجل في العشرين أو الخمس والعشرين يُوقظه أبوه للصلاة، ويرجع من المسجد وهو في فراشه، ألا يغار لله -جلَّ وعلا- هذا الأب؟! ومن آثار هذه الغيرة ألا يُصاب ببعض الأمور بسبب هذا الولد؟! نعم لتصرُّفات الأبناء ولمعاصيهم ولمخالفاتهم أثر في صحة الآباء، فعلى الإنسان ألَّا يكسب ذنب أحبِّ الناس إليه، وأقرب الناس إليه، وأنصح الناس له.

وبعض الآباء يسأل ويقول: (إذا جرَّبتُ الولد وتعبتُ معه، حيث أجلس من قبل أذان الصبح وأنا أوقظه إلى أن تُقام الصلاة، ولا فائدة، وقد تفوتني ركعة، وإذا رجعتُ من المسجد وجدتُ الولد في فراشه، وإذا قِستُ الضغط فإذا هو مرتفع جدًّا، فهل لي مندوحة أن أتركه؟)، يريد أن يترك الولد ولا يوقظه؛ لأنه لا فائدة من ذلك، وعليه فيه ضرر كبير، نقول: لا تترك، والترْك ليس بعلاج، بل حاول وحاول وجاهد، ومع ذلك سدِّد وقارب، فلاحِظ صحتك، وأَيقظ ولدك.