كون مَن على الكرسي قائمًا أو جالسًا

السؤال
هل الذي على الكرسي في حكم القائم، أو في حكم الجالس؟
الجواب

هذه مسألة مهمَّة جدًّا في غاية الأهمِّيَّة: هل هو في حكم القائم، أو في حكم الجالس؟

هذه يحتاج إليها عند الدخول إلى المسجد، فبعض الناس إذا دخل في وقت نهي، وتحرَّج في الصلاة وترْك الصلاة؛ لوجود ما يأمره، ووجود ما ينهاه؛ جلس على كرسيٍّ، أو على شيء مرتفع، وقال: إنه لم يجلس، نعم الجلوس الأصل فيه مباشرة الأرض الذي هو القعود، وأما بالنسبة للجلوس على الكرسي؛ فهو منزلة بين المنزلتين، وهذه يحتاجها -أيضًا- مَن تكون له دروس -مثلنا- في العصر، ويُصلِّي خارج المسجد، ثم يأتي إلى المسجد، فهل يجلس على الكرسي، ويؤدِّي الدرس من دون تحيَّة، أو يؤدِّي التحيَّة، ثم يجلس باعتباره جالسًا؟

إذا نظرنا إلى الخطيب يوم الجمعة؛ فمن فِعله -عليه الصلاة والسلام- أنه يأتي، ويصعد المنبر، ويجلس عليه، ولا يُصلِّي ركعتين، فحكمه -والمسألة ما زالت مسألة بحثٍ ليس مقطوعًا بها- حكم المدرِّس الذي يأتي، ويجلس على الكرسي، ويُعلِّم الناس، ولو قيل: إن استغلال الوقت بهذا الدرس أولى من استغلاله بالركعتين؛ لما بُعد.

المقصود أن مثل هذه المسألة تحتاج إلى مزيد عناية وبحث؛ لأننا نجد بعض الناس يدخل في وقت النهي، ثم بعد ذلك يجلس على التُّكَأَة التي توضع للمصلين، ويقول: (أنا ما جلستُ، فلا تلزمني تحيَّة المسجد)، علمًا بأنه إذا ترجَّح عنده أنه لا يُصلِّي التحيَّة؛ يجلس، "ثلاث ساعات كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينهانا أن نُصلِّي فيهنَّ، أو أن نقبر فيهنَّ موتانا:..." إلى آخره [مسلم: 831]. وبعضهم يتأثَّم، ويقول: يستمر واقفًا حتى يخرج وقت النهي، فلا يُصلِّي؛ لأنه وقت نهي، ولا يجلس؛ لأنه منهيٌّ عن الجلوس. وبعضهم يقول: لا يدخل المسجد في هذا الوقت؛ لوجود التعارض، لكن المسألة مسألة ترجيح، فمَن ترجَّح عنده شيء، وله سَلَف من الأئمة؛ يعمل به، والحمد لله، وإذا كان وقت النهي واسعًا، مثل: الدخول بعد صلاة الصبح، أو بعد صلاة العصر مباشرة، والشمس بيضاء نقيَّة؛ فهذا لو صلَّى ركعتين لا إشكال؛ لأن النهي عن الصلاة في هذين الوقتين من باب نهي الوسائل، وليس الغايات، إنما لئلا يستمر فيصلِّي في وقت النهي المُغَلَّظ.