التوثيق برواية الثقات

السؤال
هل تعتبر رواية الحفّاظ الأثبات الثقات الذين لا يروون إلا عن الثقات كالإمام أحمد وغيره عن المجهول مما ترفع عنه الجهالة وحينئذٍ نصحح خبره؟
الجواب

المسألة خلافية في رواية الثقة عن الراوي هل تعدُّ توثيقًا له أو لا، والجمهور على أنها ليست بتوثيق حتى ينص هذا الراوي المعتبر قوله في الجرح والتعديل على أنّه ثقة، فمجرد الراوية عن الراوي ليس توثيقًا له، وإن قال بعضهم: إنها توثيق؛ لأنه لو لم يكن ثقة عنده لما روى عنه، ومنهم من ينص على أنه إذا كان لا يروي إلا عن ثقات فإنها تعدُّ توثيقًا له، ومع ذلك فإن المقرر والمحقق عند أهل العلم أنه ليس بتوثيق له، ولو لم يكن يروي إلا عن الثقات؛ لأن بعض من عُرف بالرواية عن الثقات وعدم الرواية عن الضعفاء وُجد في شيوخه ومن روى عنهم ضعفاء، مثل الإمام مالك حيث إنه معروف أنه لا يروي إلا عن ثقة، هذا الأصل، لكن روى عن عبد الكريم بن الـمُخَارق، وقال: غرني بكثرة جلوسه في المسجد. والجمهور على تضعيفه.

رواية الإمام أحمد عن الراوي، من أهل العلم من يقول: إنها تلزم من يقلده في المذهب، ويكون توثيقًا له؛ لأن إمامه روى عن هذا الراوي، فمادام يقلده في الغايات التي هي الأحكام، فما المانع أن يقلده في الوسائل التي هي الأسانيد؟ وقد روى الإمام أحمد وغيره عن بعض الضعفاء، ولم يبينوا ذلك، و(المسند) شاهد على ما نقول، ففيه كثير من الرواة الضعفاء. ومن أهل العلم من يقول: إذا قال الإمام: (حدثني الثقة)، ولم يسمِّه، فيكتفى بتوثيقه على الإبهام. ووجد في كلام الشافعي: (حدثني الثقة)، و(حدثني من لا أتهم)، و(حدثني من أثق به)، فإذا بُحث عنه وُجد ليس بثقة، فالشافعي يروي عن إبراهيم بن أبي يحيى، وجماهير أهل العلم على تضعيفه، بل ضعْفه شديد، والمقرر أنّه لا بد من تسميته؛ لتعرف حقيقته هل هو ثقة أو غير ثقة، قال الحافظ العراقي:

ومبهم التعديل ليس يكتفي

به الخطيب والفقيه الصيرفي .

وعلى هذا القول كثير من أهل العلم، فلا بد من التصريح باسم الراوي كاملاً، ثم البحث عنه، ووزنه بميزان أهل العلم، وإنزاله المنزلة اللائقة به من التقوية أوالتضعيف.