ما يجب معرفته عند البحث في رجال الإسناد

السؤال
ما أهم النقاط التي يجب معرفتها عند البحث في رجال الإسناد؟
الجواب

السند لا بد من البحث فيه من زوايا متعدِّدة:

أولًا: في الرواة أنفسهم من حيث العدالة والضبط؛ لأن من شرط قبول الراوي أن يكون عدلًا ضابطًا، فإذا تمَّ النظر في جميع الرواة، وتبيَّن أنهم عدول ضابطون، بمعنى أنهم ثقات، فننظر النظر الثاني في اتصال الإسناد، وهو أن كلَّ راو من رواته الذين درسناهم، وتبيَّن لنا أنهم ثقات قد تحمَّل الخبر عمَّن نُسب إليه فوقه بطريق معتبر من طرق الرواية، فلا بد أن يكون الإسناد متَّصلًا.

ثم بعد ذلك ننظر في صيغ الأداء في السماع والتحديث: (سمعتُ)، (حدَّثنا)، (قال)، (أخبرنا)، (عن فلان)، (أن فلانًا قال)، فننظر في هذه الصيغ، فإن كان الرواة فيهم مَن وُصف بالتدليس، فلا بد أن يُصرِّح بالسماع والتحديث، وإن سلموا من وصمة التدليس، كفى من الصيغ العنعنة وما في حكمها، فإذا درسنا الإسناد ووجدنا أن كلَّ الرواة ثقات، ووجدنا أن كلَّ واحد منهم قد تلقَّى الخبر عمَّن فوقه بطريق معتبر من طرق التحمُّل، وعرفنا صيغ الأداء، وأنها فيها التصريح بالتحديث إذا كان فيهم مدلِّس، أما إذا لم يكن فيهم مدلِّس فلا يُبحث عمَّا وراء ذلك، فالخبر حينئذٍ صحيح.

وإذا وجدنا في الإسناد -مثلًا- مَن ضَعف حفظه قليلًا، مع توافر الشروط السابقة، فهذا يُحكم عليه بأنه عند أهل العلم في مرتبةٍ بين الردِّ والقبول، وهي مرتبة الحُسْن، وإذا نزل عن ذلك بأن ضُعِّف بعض رواته، أو حصل خلل في اتصال إسناده، فإنه من قبيل الضعيف المردود.

ويقول الحافظ العراقي في تعريف الصحيح:

فالأولُ المتَّصلُ الإسنادِ                     .

 

بنقلِ عدلٍ ضابطِ الفؤادِ                .

عنْ مثلهِ منْ غيرِ ما شذوذِ             .

 

وعلَّةٍ قادحةٍ فتوذي                     .

فإذا تم النظر في الإسناد، وصح الإسناد، نظرنا نظرًا آخر في المتن، فإن تضمَّن هذا المتن شذوذًا، ومخالفة لمن هو أوثق ممن رواه، حُكم عليه بالردِّ؛ لشذوذه، وإن تضمَّن علَّة قادحة تقدح في متنه، أو في إسناده أيضًا، صار حكمه الرد، وذلك في العلل الخفية التي أشاد بها أهل العلم وبمعرفتها وبمَن عرفها، المقصود أن البحث في مثل هذا يطول، لكن هذه خلاصته.