أفضل نُسخ (مسند الإمام أحمد)، وشروحه

السؤال
ما هي أفضل نُسخ (مسند الإمام أحمد)؟ وهل شُرِح؟
الجواب

(مسند الإمام أحمد) طُبع في المطبعة الميمنية قديمًا في ستة مجلدات، واستمر الوضع على ذلك عند أهل العلم؛ اعتمادًا على هذه الطبعة وتعويلًا عليها، وهي طبعة جيدة إلا أن المقابلات على النسخ التي وُجدت بعد ذلك أظهرتْ أن فيها نقصًا يسيرًا، وما زالت بأيدي أهل العلم مرجعًا أصيلًا يرجعون إليه، حتى الذين طبعوا (المسند) بعد ذلك يذكرون أرقام الصفحات والأجزاء من هذه الطبعة، باعتبار أنها لا يُستغى عنها؛ لأن المحققين من المتقدمين بعد ظهور هذه الطبعة يعتمدون عليها، ثم طُبِع بعد ذلك بتحقيق الشيخ أحمد شاكر في خمسة عشر جزءًا أي: ما يُعادل ربعَ الكتاب، والسر في هذا أن الشيخ تنوَّعت اهتماماته وصارت عنده مشاريع كثيرة، أكثر من كتاب في آنٍ واحد، ثم اخترمتْه المنية قبل أن يكمل هذه الكتب، أكمل المفردات التي في مجلد واحد مثل (الرسالة) للشافعي، و(جماع العلم) له، وبعض الكتب المفردة التي على مجلد واحد، وأكمل من كتب الأدب ما أكمل، وأيضًا بقي من كتب الأدب مالم يُكمله كـ(الكامل) للمُبَرِّد، وعلى كل حال الشيخ كأنه وَزَّعَ وقته على مجموعة من الكتب، فالوقت الفلاني للكتاب الفلاني، والوقت الفلاني لكذا.. وهكذا، ثم اخترمتْه المنية قبل أن يُكمل هذه الكتب، وتحقيقه (للمسند) من أفضل التحقيقات العلمية، منهاج ينبغي أن يحتذيه طالب العلم الذي يريد التحقيق، بِغضِّ النظر عن تساهل الشيخ أحمد في أحكامه على الرجال وأحكامه على الأحاديث في التصحيح والتضعيف، لكن يبقى أن الشيخ يمتاز بدِقَّة نظره وانتقائه للألفاظ الراجحة من النُّسَخ، ويوصي بعضُ المحققين أن يُدَرَّس منهج الشيخ أحمد شاكر في تحقيق كتاب (الرسالة) للإمام الشافعي على طلاب الدراسات العليا الذين يُتوقع منهم أن يساهموا في تحقيق الكتب، وبالفعل شيء مجرب، الشيخ في تحقيقه للمجلدين من (الترمذي)، وتحقيقه للربع الأول من (المسند)، وتحقيقه (للرسالة) وغيرها من الكتب: إبداع، بغض النظر عمَّا أشرتُ إليه سابقًا من أن الشيخ متساهل في توثيق الرجال، متساهل في تصحيح الأحاديث، أنا لا أقول: تقليد الشيخ في أحكامه، أنا أقول: اقتفاء الأثر في التحقيق أي: منهجيته –رحمه الله-.

(المسند) طُبع بعد ذلك طبعات كثيرة، وكُمِّل تحقيق الشيخ أحمد شاكر، وإن كان لا يُقارب تحقيق الشيخ ولا يدانيه، تحقيق أقل بكثير، وأيضًا رُتِّب (المسند) وحذفتْ أسانيده وتكراره في (الفتح الربَّاني) لأحمد بن عبد الرحمن البنَّا الساعاتي، وعلَّق عليه بتعليق أولُه فيه طول ويستحق أن يُسمَّى شرحًا، وفي آخره مجرد تعليق واسمه (بلوغ الأماني)، وطُبع أيضًا بتحقيقات متعددة، لكن من أفضلها تحقيق الموسوعة الحديثية التي يشترك فيها الأرنؤوط وغيره بإشراف الدكتور عبد الله التركي في خمسين مجلدًا مع الفهارس، وطُبع أيضًا طبعة حديثة أشرف عليها الشيخ أحمد معبد، وهي أيضًا طبعة جيدة، مَن جمع بين هاتين الطبعتين وكانت عنده الطبعة الأولى الميمنية يَكتفي بها.