المفاضلة بين توجيه المبتدئين إلى كثرة القراءة وبين توجيههم إلى حفظ المتون

السؤال
أقوم بالتربية لبعض الشباب، وفيهم مجموعة من المتوجهين لطلب العلم، فهل تنصحون أن أَحثهم على كثرةِ القراءة وجمعِ الكتب واتِّباع جدولٍ معيّنٍ للقراءة، أم أن يحفظوا متونَ أصول العلم، ثم يهتموا بمعرفة معانيها وضبطها؟
الجواب

الشابّ الصغير في بداية الطلب يُنصح بالحفظ، فيُحَفَّظ أكبرَ قدر ممكن مما يحتاج إليه من كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- ومتون العلم، ثم بعد ذلك يقرأ ما يُعينه على فهمها، أما إذا كان الشاب كبيرًا وقَرَنَ الحفظَ بالفهم وراجع الشروح والتعليقات وسمع الأشرطة مع الحفظ في آنٍ واحدٍ فهو يستوعب ذلك، بل يعينه الفهم على الحفظ، أما إذا كان صغيرًا لا يستوعب المعاني ولا يستطيع مراجعة الشروح ونحوها فإنه يُكتفى بحفظ المتن وبعضِ الألفاظ التي يستوعبها إذا شُرحت له، ففي بداية الطلب يُعتنى بالحفظ، ثم بعد ذلك يتدرج في النظر في الشروح وحضور الدروس وبيان معاني العلم والقراءة في الكتب المطوَّلة.

وأما جمع الكتب فيُجمع منها ما يُحتاج إليه.

واتِّباع الجدول المعيَّن يُعين على ترتيب الوقت، وتنظيم الدروس، والبداية بالأهم فالمهم.

وتجدر الإشارة هنا إلى أهمية الحفظ في طلب العلم، حيث إن العلم الشرعي مبني على النصوص: الكتاب والسنة، ومعلوم أن القرآن لا يُجزئ فيه ولا يُجدي إلا الحفظ، فلا يُدرَك بالمعنى ولا يُروى بالمعنى كما هو شأن السنة، وكذلك السنة من أقواله -عليه الصلاة والسلام- يُحرص فيها على الحفظ بقدر الإمكان؛ لأن هذه هي الأصول والأسس التي يُبنى عليها العلم، فلا يُتجوَّز في أن تُروى بالمعنى أو يُكتفى بفهمها؛ لأنك عند الحاجة لا تُسعفك الذاكرة إذا لم تحفظ، فتحتاج إلى أن تُبين حكمًا وأصلُه والمعوَّلُ عليه من الدليل ليس في ذهنك، فكيف تُجيب السائل وأنت ليس في ذهنك دليل؟! وأهل العلم يقولون: إن الفقه غير المبني على الدليل ليس بفقه، ويكون حينئذٍ تقليدًا، والمقلد ليس من أهل العلم، كما قرر ذلك ابن عبد البر وغيره، فلا بد من الحفظ؛ لأن علم الشريعة مبني على الكتاب والسنة، ولا يُدرَك هذان الوحيان إلا بالحفظ، ثم بعد ذلك يبني عليهما ما يستنبط منهما من علوم.