قول ابن عبد البر -رحمه الله-: (أجمع جمهور العلماء)

السؤال
أشكل عليَّ قول ابن عبد البر -رحمه الله-: (وأجمع جمهور العلماء) في مسألة طهورية ماء البحر، فما فائدة قول الأئمة: (أجمع)؟ هل يعني أن هناك فرْقًا بين قول الأئمة: (قال جمهور العلماء) وبين قولهم: (أجمع جمهور العلماء)؟
الجواب

الأصل في الإجماع أنه قول جميع المجتهدين من علماء الأمة في عصر من العصور، هذا الأصل في الإجماع، أنه قول الجميع، وقولُ الأكثر لا يُعدُّ إجماعًا، والجمهور هم الأكثر لا الجميع، فقوله: (أجمع جمهور)، يعني هذا قول جمهور العلماء، أنهم -هؤلاء الجمهور لا الجميع- اتفقوا على القول بهذا الحكم، وقولُ الأكثر ليس بإجماع عند عامة أهل العلم، وقوله: (أجمع جمهور أهل العلم) فيه تجوُّز بالنسبة لقوله: (أجمع)، فالأصل في الإجماع أنه قول الكل.

والعلماء يذكرون عن ابن جرير الطبري أنه يرى الإجماع قول الأكثر، لكن المعوَّل عليه والمعتبر عند أهل العلم أن الإجماع قول الكل، وابن جرير الطبري يستخدم هذا في تفسيره كثيرًا، فحينما ينقل الخلاف في مسألة سواء كانت شرعية أو غير شرعية يذكر فيها الخلاف، ويذكر قول الأكثر، ثم يذكر من خالف، ثم يقول: (والصواب في ذلك عندنا كذا -يعني الأول الذي هو قول الأكثر-؛ لإجماع القرأة على ذلك -إذا كانت قراءة-)، مع أنه ذكر مَن يخالف، مما يدل على أنه يرى أن الإجماع قول الأكثر ولا يلزم منه قول الجميع، وأما في قول ابن عبد البر: (أجمع جمهور) فهذا فيه تجوُّز، وفي قول الحافظ العراقي:

 

أجمعَ جمهورُ أئمةِ الأثرْ
 

 

 

 

والفقهِ في قبولِ ناقلِ الخبرْ
 

 

 

 

 

إلى آخر كلامه -رحمه الله- مثله، فهو من هذا الباب، فيه تجوُّز.