المفاضلة بين الالتحاق بالدراسات العليا وبين مواصلة الدروس في المساجد

السؤال
بدأتُ بطلب العلم متأخِّرًا، ودرستُ في كلية الشريعة انتسابًا، عمري الآن اثنان وخمسون سنة، هل من المناسب أن أدرس الماجستير في أحد التخصصات الشرعية التي تنصحونني بها، أم أتابع الدروس في المساجد، وأحضر الدورات العلمية؟
الجواب

المسألة ترجع إليك وإلى همتك، ولا شك أن للدراسة النظامية من الانضباط والترتيب ما قد لا يُوجد نظيره في دروس المشايخ والمساجد، ولكن الدراسة في المساجد وعلى أيدي أهل العلم لا شك أنها أقرب إلى الإخلاص، وأقرب إلى مشابهة السلف في أخذهم للعلم.

وعلى كل حال أنت أدرى بنفسك، إن كنت تستطيع أن تُتابع الدراسة النظامية وتحصل على الشهادات العُليا مع جمعك في ذلك مع الدروس المتنوعة في المساجد، وعلى أيدي المشايخ؛ لأنك قد تنشغل في دراستك العليا عمَّا هو أهم من ذلك، فقد تأخذ جزئيَّةً تستمر في بحثها مدة طويلة، والنتيجة أقل بكثير مما لو حرصتَ على دروس المشايخ في المساجد وتنوَّعتْ هذه الدروس وتنوَّع المشايخ، فأنت طبيب نفسك، إن استطعت أن تجمع بين هذا وهذا فلا شك أن هذا طيب، ولكن إن قلتَ: إنني أتابع الدراسة العليا، وأُمضي سنين في مرحلتَي الماجستير والدكتوراه، والحاصل أنه يدرس جزئيات ومسائل معينة، وينقطع بذلك عن الدروس المتنوعة على أيدي العلماء في المساجد، فحينئذٍ يُقدِّم دروس المساجد لا سيما وأن السن قد تقدَّمتْ به، وهو مُقبلٌ على الستين، فالمسألة بَداءة بالأهم فالأهم.

وَبِالْمُهِمِّ الْمُهِمِّ ابْدَأْ؛ لِتُدْرِكَهُ
 

 

وَقَدِّمِ النَّصَّ، والآرَاءَ فَاتَّهِمِ

 

 

على كل حال بإمكانك أن تجمع بينها، وتصرف وقتًا مناسبًا للدراسة النظامية، وبقية الوقت للمطالعة والمراجعة لدروس المشايخ، وسؤالهم عما يُشكل عليك، وإن لم تستطع الجمع بينها فالذي أراه لك وأنت في هذا السن أن تحرص على طلب العلم على طريقة أهل العلم في السابق في المساجد، ومراجعة الكتب، وسؤال المشايخ عما يُشكل عليك، والله أعلم.