مصير أولاد اليهود الذين يموتون وهم صغار

السؤال
ما حكم أولاد اليهود الذين يموتون وهم صغار في مسألة دخول الجنة من عدمها؟
الجواب

جاء في (صحيح البخاري) من حديث ابن عباس –رضي الله عنهما- قال: سُئل رسول الله –صلى الله عليه وسلم – عن أولاد المشركين، فقال: «الله إذ خلقهم أعلم بما كانوا عاملين» [1383]، وفيه أيضًا عن أبي هريرة –رضي الله تعالى عنه- قال: قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «كلُّ مولودٍ يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه، أو ينصِّرانه، أو يمجِّسانه» [1359]، فقبل البلوغ وقبل التهويد والتنصير الله أعلم بما كانوا عاملين؛ لأنهم أطفال، وجاء في (البخاري) أيضًا في حديث الرؤية الطويل وفيه: «وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-، وأما الولدان الذين حوله فكلُّ مولود مات على الفطرة» قال: فقال بعض المسلمين: يا رسول الله، وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «وأولاد المشركين» [7047].

وقد اختُلف فيهم، وابن القيم في (طريق الهجرتين وباب السعادتين) في آخر الكتاب ذكر طبقات الناس بمَن فيهم مَن يموت وهو طفل، وذكر الخلاف فيهم. وبعض العلماء يذكر فيهم قولين:

القول الأول: أنهم يُمتحنون عن الإسلام، يعني إذا بُعِث الناس امتُحِنوا فيُسألون عن الإسلام، فمن تجاوز هذه الفتنة نجا ودخل الجنة، ومن لم ينجُ دخل النار، وذلك بأن يُدعى إلى الإسلام فمَن أجاب دخل الجنة، ومن لم يُجب دخل النار.

والقول الثاني: أنهم من أهل الجنة؛ لِما في (صحيح البخاري) من حديث سمرة بن جُندب –رضي الله عنه- أنه –صلى الله عليه وسلم – رآهم في المنام مع إبراهيم –عليه السلام- في روضةٍ مع أطفال المسلمين؛ ولأنهم ماتوا على الفطرة لم يُهوِّدهم آباؤهم ولم يُنصِّروهم ولم يُمجِّسوهم؛ لقوله –عليه الصلاة والسلام-: «ما من مولودٍ إلا يولد على الفطرة -وفي لفظٍ «إلَّا على هذه المِلة»- فأبواه يهوِّدانه، أو ينصِّرانه، أو يمجِّسانه» الحديث متفقٌ عليه [البخاري: 1359 / ومسلم: 2658].

وابن القيم –رحمة الله عليه- في آخر كتاب (طريق الهجرتين) بسط هذه المسألة فيُرجع إليه، وهذا الكتاب في الجملة من خير ما يَرجع إليه طالب العلم ويُفيد منه؛ لأنه ذكر فيه أشياء لا يستغني عنها طالب علم، وذكر طبقات الناس، وطبقات المسلمين، وذكر السابق بالخيرات، والمقتصد، وذكر المقرَّبين، وذكر الأبرار، ورسم برامجَ يمشي عليها الأبرار، وبرامجَ يمشي عليها المقرَّبون في جدولةٍ تُحِس وتَشُم أنه يتحدث عمَّا في داخله –رحمه الله-، مع أنه لما أراد أن يذكر طريقة المقرَّبين قال: إنه ما شم لهم رائحة، وما ذَكَره –رحمه الله- في برنامجهم اليومي من قيامهم من النوم إلى وفود النوم من الليل، ذَكَر برنامجًا كأنه من داخله أي: من فعله -رضي الله عنه وأرضاه-.

فالاطلاع على هذه البرامج: برامج الأبرار وما يفعلونه في يومهم وليلتهم مهم جدًّا لطالب العلم، ثم الانتقال إلى برامج المقربين يشحذ همة المسلم، ويجعله يقتدي بهم، وكل شيءٍ بدليله من هذه الأعمال، والله أعلم.