السعي بعد طواف الوداع في الحج

السؤال
هل يجوز السعي بعد طواف الوداع في الحج؟
الجواب

الأصل أن طواف الوداع هو آخر أعمال الحج؛ ليكون آخر ما يفعله الحاج قبل أن يَنفر إلى بلده، فإذا سعى بعده لم يكن وداعًا، وكأن هذا السائل التبس عليه مَن طاف للحج طواف الإفاضة، ثم سعى بعده مباشرةً فخرج، فهل يُجزئ هذا الطواف عن الوداع؟ لكنه لا بد من نية الإفاضة إذا لم يطف طواف الإفاضة، وإذا سعى بعده فالأصل أن يكون الآخر الطواف، وإذا قلنا بهذا يلزمه أن يطوف للوداع بعد السعي، ولكن أهل العلم نظرًا للمشقة العظيمة الموجودة في هذه الأزمان، وأن الفاصل يسير، وأنه كما لو صلى بعد الوداع فإنه يُجزئه، وحينئذٍ فالسعي لا يضر بعد الطواف الذي هو الأصل للإفاضة ويُجزئ عن الوداع.

أما إذا طاف بنية الوداع ثم سعى بعده، فإن الأصل أن الوداع في آخر أعمال الحاج، وإذا قلنا بأنه قد طاف فيما سبق ولم يبقَ عليه إلا السعي، فإنه لا بد أن يقع السعي بعد طوافٍ ولو مسنونًا، فإذا طاف بنية الوداع ثم سعى بعده، صار حكمه حكم من طاف للإفاضة ثم سعى بعده.

ولو قدَّم السعي على الطواف وجعل الطواف آخر شيء، ففي حديث أسامة بن شريك –رضي الله عنه-: "سعيتُ قبل أن أطوف، قال: «لا حرج»" [أبو داود: 2015]، ولكن قال عنه جمع من أهل العلم: إنه شاذ، وحمله الخطابي على مَن سعى بعد طواف القدوم، ثم طاف للإفاضة في يوم النحر، وقال بعضهم: إن هذا لمن يفعل الطواف والسعي في يوم النحر، وأن أعمال يوم النحر يجوز فيها التقديم والتأخير، والأصل أن السعي لا يكون إلا بعد الطواف، وحينئذٍ إذا طاف للإفاضة ثم سعى بعده سعي الحج، ثم خرج مباشرة لقِصَر الفاصل فجمعٌ من أهل العلم يعتبره كالصلاة بعد الطواف فلا يؤثِّر. ومما يُستدل به على ذلك أن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أمرها النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تعتمر بعد حجها، وبهذا طافتْ للعمرة وسعتْ، ولم يُحفظ عنها أنها طافتْ للوداع، فبيْن أن يُقال: إن العمرة لا وداع لها، أو يقال: إن وقوع السعي بعد الطواف لا يؤثِّر، والله أعلم.