أداء الحج وذبح الهدي بدون الإتيان بعمرة

السؤال
أنا يا شيخ سأحج هذه السنة -بإذن الله-، وهي الحجة الأولى لي، فهل يجوز لي أن أحج بدون أن أعتمر، لكن أذبح الهدي؟
الجواب

الأنساك التي جاءت في السنة الصحيحة ثلاثة، وما ذكره السائل نوع منها، ويسمى عند أهل العلم الإفراد، يعني حجًّا بدون عمرة، فمثل هذا له أن يفعل ذلك، وحجه صحيح وتام ولا إشكال فيه، لكن عليه أن يأتي بالعمرة الواجبة، فإذا أتى بالحج مفرَدًا فليس عليه هدي، وإنما الهدي على المتمتِّع والقارن، وحينئذٍ يكون هديه هذا في حكم الأضحية، والهدي المسنون معروف حكمه في الشرع، وأهدى النبي -عليه الصلاة والسلام- هديًا مستحبًّا وهو في المدينة، فلا يلزم أن يكون الهدي واجبًا ومرتبطًا بالنسك، وإنما يجوز الهدي المسنون في أي وقت.

والنوع الثاني من أنواع النسك: القران، وهو أن يأتي بالحج والعمرة معًا في سَفرة واحدة، يُحرم بهما معًا: (لبيك حجًّا وعمرة)، ويأتي بأفعالهما في الصورة كحجِّ المفرِد، والقارن لا يلزمه أكثر مما يلزم المفرد إلا الهدي، ومن باب الاستحباب يستحب له -كما يستحب للمفرد- أن يأتي بطواف القدوم، ثم يأتي بسعي الحج، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم يبقى على إحرامه ولا يتحلَّل من إحرامه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- بقي على إحرامه، وما منعه من الحل إلا أنه ساق الهدي، فإذا وقف بعرفة طاف، ولا يلزمه سعي حينئذٍ، وقبل الطواف يأتي بأعمال يوم النحر على الترتيب الذي جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-.

والنسك الثالث: هو التمتُّع، وهو أن يُحرم من الميقات بعمرة فقط، ثم يأتي إلى البيت فيطوف ويسعى ويقصِّر ويتحلَّل من هذه العمرة الحلَّ كلَّه، ثم إذا جاء يوم التروية أحرم بالحج، ثم خرج إلى منى، ثم إلى عرفة، ثم نزل إلى مزدلفة،...وهكذا، وعليه أن يأتي بحجٍّ مستقل بطوافه وسعيه، ولا يكفي سعي واحد كما يكفي القارن.

والتمتُّع في المرجَّح عند أهل العلم أنه أفضل الأنساك؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- تمنَّاه وأمر أصحابه -رضي الله عنهم- به، وقال: «لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ ما سقتُ الهدي، ولجعلتُها عمرة» [البخاري: 1651 / ومسلم: 1218]، فهذا التمنِّي مع أمره -عليه الصلاة والسلام- لأصحابه أن يجعلوها عمرةً أخذ منه أهل العلم -على خلاف بينهم- أن التمتع أفضل من القران، وإن قال بعضهم: إن القران أفضل؛ لأن الله اختاره لنبيه -صلى الله عليه وسلم-، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، ولكن كونه -عليه الصلاة والسلام- ندم على سوق الهدي وقال: «لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لجعلتُها عمرةً، ولأحللتُ»، وأمر أصحابه بذلك، يدل على أن التمتع أفضل من القران، والله أعلم.