ترجيح ما ورد عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في معنى الآية

السؤال
بما أن الصحابي عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- هو ترجمان القرآن، وقد دعا له الرسول –صلى الله عليه وسلم- بفهم تأويل القرآن، فهل نعتبر ما ورد عنه من التفسير في الآية المختلف في معناها هو المعنى الراجح فيها؟
الجواب

لا شك أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- حبر الأمة وتُرجمان القرآن، ودعا له النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال: «اللهم علِّمه الحكمة» وقال: «علِّمه الكتاب» [البخاري: 3756] يعني: مع الحِكمة، فهو تُرجمان القرآن، والإصابة في أقواله غالبة، ومع هذا الدعاء لا يعني أنه معصومٌ من الخطأ في كلِّ شيء، بل هو كغيره من الصحابة -رضي الله عنهم- يُصيب ويُخطئ، وقد يكون التفسير المنسوب لابن مسعود أو لعمر أو لعلي -رضي الله عنهم- أو ما أشبه ذلك أصله مُتلقى من النبي –عليه الصلاة والسلام-.

فعلى كل حال يُنظَر في أقوال الصحابة في التفسير ويُرجَّح بينها، ويُستصحَب ما دعا به النبي –عليه الصلاة والسلام- لابن عباس؛ ليكون مرجِّحًا، وقد يكون الصواب مع غيره، ولكن الغالب أن الإصابة معه؛ استجابةً لدعوة النبي –عليه الصلاة والسلام-، وإلا فليس بمعصوم بل يُخطئ ويُصيب كغيره –رضي الله عنه وأرضاه-، والمصيب له أجران، والمخطئ له أجرٌ واحد؛ لأن الصحابة كلهم مجتهدون، والحق لا يتعدَّد.

وليس معنى هذا أننا كل ما أَثَرْنا عن ابن عباس قولًا نرمي بأقوال غيره من الصحابة الأجلاء الذين قد يكون فيهم من هو أفضل من ابن عباس، وقد يكون الاختلاف الذي بين ابن عباس وابن مسعود أو عمر أو غيرهما من الصحابة -رضي الله عنهم جميعًا- من باب اختلاف التنوُّع لا من اختلاف التضاد الذي يكون فيه تضاد وتعارض، فهذا لا يمكن فيه الأخذ بالأقوال كلها، أما اختلاف التنوُّع فلا مانع من أن تَثبت جميعُها فيؤخذ بها كلها، والله أعلم.