وجود آيات في القرآن رُفع حكمها وبقيتْ تلاوتها

السؤال
هل يوجد في القرآن بين أيدينا آيات للتلاوة فقط ولا يُعمل بالأحكام التي فيها؟ وما الفائدة إذن من ذلك؟
الجواب

القرآن فيه الناسخ والمنسوخ {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: 106]، فالنسخ ثابت في القرآن وفي السنة ومجمع عليه بين مَن يُعتد بقوله من أهل العلم، وإذا نُسخ الحكم وبقيت التلاوة دخل في سؤال السائل: (يوجد في القرآن بين أيدينا آيات للتلاوة فقط)، والناسخ والمنسوخ في القرآن فيه:

- ما نُسختْ تلاوته فقط وبقي حكمه، وهذا قليل، مثل: "والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة"، هذا نُسخت فيه التلاوة وبقي الحكم، فالرجم ثابت، لكن الآية لا توجد في القرآن، وهذا قليل.

- عكسه أن يُنسخ الحكم وتبقى التلاوة، وهذا كثير، ومن أمثلته قوله -جل علا-: {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [البقرة: 240] في عدَّة المتوفى عنها، فإنها كانت تعتد حولًا كاملًا، ثم نُسخت بـ{أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234]، فبقيت الآية {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} تُتلى إلى يوم القيامة، وحكمها منسوخ.

- ومن الآيات ما نُسخ لفظه وحكمه، وهذا أيضًا موجود، وله أمثلة جاءت بها السنة.

قد يقول قائل -كما أشير إليه في السؤال-: ما الحكمة في رفع الحكم وبقاء التلاوة؟ قالوا: الجواب عن ذلك من وجهين:

- أحدهما: أن القرآن كما يُتلى ليُعرف الحكم منه والعمل به، فيُتلى لكونه كلام الله فيثاب عليه، فتُركت التلاوة لهذه الحكمة، فهذه الآية وإن نُسخ حكمها وبقيتْ تلاوتها لها حكم قراءة باقي الآيات، الحرف بعشر حسنات، فالقارئ يستفيد هذه الحسنات وإن كان الحكم مرفوعًا.

- وثانيهما: أن النسخ غالبًا يكون للتخفيف، فأُبقيت التلاوة تذكيرًا بالنعمة ورفع المشقة، كما في آية {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ}، تُذكِّر الناس بأن العدة كانت سنة كاملة، وجاء في الحديث الإشارة إليه: «وقد كانت إحداكنَّ في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول» [البخاري: 5336]، فكونها تُنسخ بـ{أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} مما يُخفِّف على المُتوفى عنهنَّ ويُذكرهنَّ بهذه النعمة، والله المستعان.