تأصيل شرعيٍّ لتعبير الرؤى والأحلام

السؤال
تقرَّر الأذان من النبي -صلى الله عليه وسلم- برؤيا عبد الله بن زيد -رضي الله عنه-، فهل من تأصيل شرعيٍّ موجَز لمسألة تعبير الرؤى والأحلام، لا سيما مع انتشارها في هذه الأيام بكثرة؟
الجواب

ما يُسمع ويُشاهد في هذه الأيام من اتِّخاذ بعض الناس التعبيرَ مهنةً يتكسَّب من ورائها، ويَتفرَّغ لها، ومثل هذا الرُّقية، فالتعبير له أصل شرعيٌّ، والرُّقية لها أصل شرعيٌّ، لكن ما عُرف في عهد سلف هذه الأُمَّة مَن يتفرَّغ لهما، فالعمل الذي له أصل شرعيٌّ لا يمكن منعه بالكليَّة، لكن يمكن ترشيده وتصحيحه، فالرُّقية لها أصل، وليس معناها أن الإنسان يجلس يتكسَّب من ورائها، ويترك الأعمال، ويُعطِّل نفسه، ويُعطَّل ولا يُستفاد منه، هذا لا أصل له في هذه المِلَّة. وكذلك الرُّؤى، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إذا صلَّى الصبح التفت إلى الصحابة -رضي الله عنهم- وقال: «هل رأى أحدٌ منكم رؤيا؟» [البخاري: 1386]، لكنه معصوم، فهذا خاصٌّ به -عليه الصلاة والسلام-، ولذا لم يفعله أبو بكر ولا عمر -رضي الله عنهما-. ويحتجُّون بأن ابن سيرين -رحمه الله- عُرف بتعبير الرؤى، فإذا كان أبو بكر -رضي الله عنه- أفضل الأُمَّة بعد نبيِّها -عليه الصلاة والسلام-، وقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: «أصبتَ بعضًا وأخطأتَ بعضًا» [البخاري: 7046]، فحصل منه الصواب من وجه، والخطأ من وجه، فكيف يُظنُّ بمَن دونه أنه لا يُخطئ؟! ومَن نَصَب نفسه للإجابة على كلِّ رؤيا فقد رشَّح نفسه أنه لا يُخطئ، وقد زكَّى نفسه في هذا الباب، فعلى الإنسان أن يتقي الله -جلَّ وعلا-. وهناك أشياء هي أضغاث أحلام لا تُؤوَّل، ولا أوَّل لها ولا آخر، بل وُجد مَن عَبَر بعضَ الرؤى المختلَقة التي لا حقيقة لها، فقد تَراهنَ اثنان، وقالا: (نريد أن نسأل فلانًا عن رؤيا نختلقها، ولا حقيقة لها)، فقالا له: (رأينا كذا وكذا، فما تأويلها؟)، فأوَّلها لهما! فمثل هذا لا شك أنه استرسال ممنوع.

ويقولون: (إن ابن سيرين عُرف بتعبير الرؤى)، أقول: ما أُثر عن ابن سيرين في هذا الباب في جميع عُمره قد يتصدَّى له بعضُ الأشخاص في يوم واحد! ويتعاونون مع الهاتف الذي بأُجرة، ويسلِبون الناس بهذه الطريقة، ولا شك أن هذا من أكل أموال الناس بالباطل.