الإنكار على الواعظ الذي أورد أحاديث ضعيفة في موعظته

السؤال
إذا قام واعظ يذكِّر الناس بعد الصلاة بكلام حسن مؤثِّر، ولكنه ذكر أثناء حديثه بعض الأحاديث الضعيفة، فهل يجب عَلَيَّ أن أُنكر عليه بعد انتهائه من الموعظة؟ وهل يجب كذلك أن أُبين للناس في اللاقط (المايكروفون)؟
الجواب

الاستدلال بالأحاديث الضعيفة من غير بيانٍ لضعفها عند مَن يقول بأنه لا يُحتج بها مطلقًا في جميع أبواب الدين لا يجوز إلا مع بيان ضعفها، ولا يُنسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لم يقله، وما لم يغلب على الظن أنه قاله، والضعيف الغالب على الظن أنه لم يقله، وإذا رواه الواعظ بصيغة تمريضٍ كأن قال: (يُذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال كذا) أو (يُروى) فتبرأ ذمته إذا كان مَن يستمع كلامه يميِّز بين الصيغ، أما إذا كان السامع لا يميِّز بين الصيغ ولا يفرِّق بين صيغة الجزم وبين صيغة التمريض فإنه لا يجوز إلا أن يُبيِّن ويقول: (هذا حديث ضعيف)، والأصل ألَّا يستدل ولا يورد إلا ما صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أو صار دائرًا في دائرة القبول مثل: الحسن، فله حكم الصحيح.

هذا الذي أورد الأحاديث الضعيفة الموقف منه أن يُبيَّن -وليس مسألة إنكار-، بل يبيَّن بعد الصلاة أن الحديث الذي ذكره الواعظ -جزاه الله خيرًا- حديث ضعيف، ضعَّفه أهل العلم. المقصود أن هذا على مذهب مَن يقول: إنه لا يجوز الاحتجاج بالضعيف مطلقًا في جميع أبواب الدين، لا في الأحكام، ولا في الفضائل، ولا في المغازي، ولا في السير، ولا في التفسير، ولا في غيرها من أبواب الدين، أما على مذهب الجمهور الذين يرون الاستدلال بالضعيف والاحتجاج به في فضائل الأعمال فالأمر في هذا سعة، وهو قول جمهور أهل العلم، لكن لو أن الواعظ اتَّبع طريقة أهل العلم في إيراده بصيغة التمريض فقال: (يُروى عن النبي -عليه الصلاة والسلام-) (يُذكَر عنه كذا) لا شك أن هذا أحوط دون أن يَجزم به فيقول: (قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-).

والجمهور الذين يرون أنه لا مانع من الاحتجاج بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال يشترطون شروطًا قد تخفى على كثيرٍ ممن يُلقيها من الوعاظ، فينزلون عن درجة الضعيف الذي ليس بشديد الضعف إلى شديد الضعف؛ لأنهم لا يميِّزون في الغالب، فيشترط الجمهور:

- ألَّا يكون الضعف شديدًا.

- وأن يكون له أصل في الشرع يستند إليه ويعتمد عليه، ولا يكون مبتدَعًا مخترَعًا لا أصل له.

- وألَّا يعتقد عند إيراده ثبوته، وإنما يعتقد الاحتياط بمعنى أنه مجرد احتياط لا للثبوت.

وعلى كل حال هذه الشروط صعبة التطبيق عند كثير ممن يُلقي هذه الأحاديث على عامة الناس لا سيما من الوعاظ.