شرح العقيدة الطحاوية (50)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

"بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا واجزه عنا خير الجزاء برحمتك يا أرحم الراحمين.

قال الشارح رحمه الله تعالى:

والأدلة على زيادة الإيمان ونقصانه من الكتاب والسنة من الآثار السلفية كثيرة جدًّا منها قوله تعالى {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً} [سورة الأنفال:2] وقوله تعالى {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [سورة مريم:76] وقولِه {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً} [سورة المدثر:31].."

وقولُه.

أحسن الله إليك.

"وقولُه {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً} [سورة المدثر:31] وقوله {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ} [سورة الفتح:4] وقوله {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [سورة آل عمران:173] وكيف يقال في هذه الآية والتي قبلها إن الزيادة باعتبار زيادة المؤمَن به فهل في قول الناس {قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [سورة آل عمران:173] زيادة زيادة مشروع وهل في إنزال السكينة على قلوب المؤمنين زيادة مشروع وإنما أنزل الله السكينة في قلوب المؤمنين في قلوب المؤمنين مرجعهم من الحديبية ليزدادوا طمأنينة ويقينًا ويؤيد ذلك قوله تعالى {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ} [سورة آل عمران:167] وقال تعالى.."

يعني هذا في النقص هذا في النقص في كلام الشارح رحمه الله تعالى وفيما ساقه من الأدلة بالحرف التنصيص على الزيادة زيادة الإيمان من كتاب الله وسنة نبيه على ما سيأتي وأقاويل السلف وما قَبِل الزيادة قَبِل النقص لأنه قبْل هذه الزيادة كان ناقصًا ومن أهل العلم من يرى الزيادة دون النقص وعامة سلف الأمة وأئمتها هؤلاء كلهم يقولون بالزيادة والنقص وأن الإيمان يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية أما من قال إن الزيادة باعتبار زيادة المؤمَن به يعني كل ما زادت النصوص في مسألة تتعلق بالدين كالصلاة والزكاة زاد إيماننا بهذه العبادة باعتبار المؤمَن به لا المؤمِن نفسه يعني كون نصوص الصلاة تتكاثر وتتظافر ما تزيدنا في إيماننا على كلام هذا في إيماننا النافع عند الله جل وعلا وإنما تزيدنا قناعة بهذا الحكم زيادة في المؤمَن به وهذا كلام مخالف لما ذكر من النصوص ولذلك قال فهل في قول الناس {قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [سورة آل عمران:173] زيادة مشروع؟ حينما زاد {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [سورة آل عمران:173] إيمان بما في قلوبهم بما رسخ في قلوبهم من اعتقاد جازم يزداد لكن بعض الناس في مثل هذه الظروف التي نعيشها وقد جمع الناس وقد أجمعوا لنا وتربصوا بنا من جميع الجهات فليس لنا إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل بعض الناس يصاب بخوف وهلع وشك في موعود الله جل وعلا بالنصر نحن لا نشك في موعود الله وإنما نشك في أنفسنا وفي أعمالنا التي أوصلتنا إلى هذا المستوى هذا الذي يخيفنا وإلا نحن مصدقون موقنون بأن الله ناصر دينه الدين منتَصَر ممتحَن ومنصور فلا تجزع فهذه سنة الرحمن وبذلك يعرف حزبه من حربه يتميز الناس في مثل هذه الظروف يتمايز الناس هذه الظروف تختلف عن ظروف الرخاء كل يدعي في ظروف الرخاء لكن في ظروف الشدة يكون التمحيص.

"وقال تعالى {وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ} [سورة التوبة:124-125] وأما ما رواه الفقيه أبو الليث السمرقندي رحمه الله في تفسيره عند هذه الآية."

ومؤلفات أبي الليث هي مظنة الضعاف من الآثار والموضوعات وتفسيره محشو بالموضوعات وكذلك كتابه المشهور وش اسمه؟ تنبيه الغافلين كتاب مشهور ومتداول يتداوله العباد ويتداوله الناس من العامة والخاصة وهو مملوء بالأحاديث الموضوعة والضعيفة ومنها هذا الحديث الذي يورده.

"في تفسيره عند هذه الآية فقال حدثنا الفقيه قال حدثنا.."

الفقيه هو أبو نصر وعادة المتقدمين أنهم يُذكَرون في السند في المسند حدثنا عبد الله قال حدثني أبي الموطأ حدثنا يحيى بن يحيى عن مالك إلى آخره.

"فقال حدثنا الفقيه قال حدثنا محمد بن الفضل وأبو القاسم الساباذي قال حدثنا فارس بن مردويه قال حدثنا محمد بن الفضل بن العابد قال حدثنا يحيى بن عيسى قال حدثنا أبو مطيع عن حمّاد بن سلمة عن ابن المحزَّم عن أبي هريرة رضي الله عنه."

هذا تصحيف وهو موجود في الأصل ونقله الشارح كما هو وغلِط في ذلك تبعًا لأصله وإنما أبو المهزَّم بالهاء وسيأتي في كلام ابن كثير رحمه الله فهل مثل هذا يصحَّح والا ما يصحَّح؟ ما يصحَّح يبقى كما هو وينبَّه على أنه خطأ.

"عن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء وفد ثقيف إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا يا رسول الله الإيمان يزيد وينقص فقال «لا، الإيمان مكمَّل في القلب زيادته ونقصانه كفر» فقد سئل شيخنا الشيخ عماد الدين ابن كثير رحمه الله تعالى عن هذا الحديث فأجاب بأن الإسناد من أبي الليث إلى أبي مطيع مجهولون لا يعرفون في شيء من كتب التواريخ المشهورة وأما أبو مطيع فهو الحكم بن عبد الله بن مسلمة البلخي ضعفه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعمرو بن علي الفلاس والبخاري وأبو داود والنسائي وأبو حاتم الرازي وأبو حاتم محمد بن حبان البستي والعقيلي وابن عدي والدارقطني وغيرهم وأما أبو المهزِّم الراوي عن أبي هريرة وقد تصحَّف على الكاتب واسمه يزيد بن سفيان فقد ضعفه أيضًا غير واحد وتركه شعبة بن الحجاج وقال النسائي متروك وقد اتهمه شعبة بالوضع حيث قال لو أعطوه فِلسين.."

فَلسين..

"لو أعطوه فَلسين لحدثهم بسبعين حديثًا."

المقصود أن الحديث باطل لا أصل له.

"وقد وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء بنقصان العقل والدين وقال -صلى الله عليه وسلم- «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» والمراد نفي الكمال ونظائره كثيرة وحديث شعب الإيمان وحديث.."

وفيه تفاوت هذه الشعب تفاوتًا كبيرًا أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق وبين هذه الشعب شعب كثيرة جدًا منها ما يقرب من لا إله إلا الله ومنها ما يقرب من إماطة الأذى عن الطريق فهذه الشعب المتفاوتة لا شك أن من عمل بها أو ببعضها أو له نصيبه من الإيمان بقدر ما عمل به ونقص إيمانه بقدر ما أخل به من هذه الشعب.

"وحديث الشفاعة وأنه يخرج من النار من في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان فكيف يقال بعد هذا إن إيمان أهل السموات والأرض سواء وإنما التفاضل بينهم بمعانٍ أخر غير الإيمان وكلام الصحابة رضي الله عنهم في هذا المعنى كثير أيضًا منه قول أبي الدرداء رضي الله عنه من فقه العبد أن يتعاهد إيمانه وما نقص منه ومن فقه العبد أن يعلم أيزداد هو أم ينقص.."

هذه المسألة مسألة زيادة الإيمان ونقصانه مسألة محسوسة ويحس بها كل شخص في نفسه فهو في بعض الأوقات يزداد إيمانه حتى يقرب إلى ربه ويستحضر خالقه ويذكره ويخشع له ويبكي من خشيته وأحيانا يغفل وينصرف عما خلق له فيقسو قلبه وهكذا كل إنسان يحس هذا يسأل سائل يقول زرارة بن أوفى ومن في حكمه ممن سمع من القرآن ما سمع فصعق يقول أول مرة يسمع {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} [سورة المدثر:8] زرارة بن أوفى أول مرة يسمعها؟ قرأها من الكتاب إلى أن صار كهلا ويسمعها إلى أن حصل له ما حصل لماذا ما حصل له هذا الأمر إلا في آخر لحظة من حياته؟ لأن هذا في ذروة من الإيمان في زيادة من الإيمان فحصل له ما حصل وقد يسمعها الإنسان وكأنه لم يسمعها وقد يسمع الآية من شخص وكأنه لم يسمعها إلا الآن فالإيمان لا شك أن هذه مسألة محسوسة وواقعة في حياة الناس ولا ينكرها إلا مكابر.

طالب: ............

في أصله سواء في أصله سواء هذا مذهبه مذهب الحنفية وهو ترى ما هو مايل مع مذهبه بالكلية هو يريد أن يوفق هو متأثر بشيخ الإسلام وابن القيم وابن كثير وابن رجب تأثر كبير بالغ فتجده يريد أن يوفق بين مذهبهم بقدر الإمكان وما قرره هؤلاء الأئمة نقلاً عن سلف الأمة فتجده يبعد عنهم قليلاً ثم يرجع وهكذا.

طالب: ............

هو ما فيه شك أنه فيه نوع اضطراب لكن يبقى أنه هو على مذهبه في الأصل لكنه تأثر بهؤلاء ونقل كلامهم واعتمده في بعض المواضع.

"منه قول أبي الدرداء رضي الله عنه من فقه العبد أن يتعاهد إيمانه وما نقص منه ومن فقه العبد أن يعلم أيزداد هو أم ينتقص وكان عمر رضي الله عنه يقول لأصحابه هلموا نزدد إيمانًا فيذكرون الله عز وجل وعن وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول في دعائه اللهم زدنًا إيمانًا ويقينًا وفقها وكان معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول لرجل اجلس بنا نؤمن ساعة ومثله عن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه وصح عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه قال ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان إنصاف في نفسه والإنفاق.."

من من نفسه.

أحسن الله إليك.

"إنفاق من نفسه والإنفاق من إقتار وبذل السلام للعالم ذكره البخاري رحمه الله في صحيحه وفي هذا القدر كفاية وبالله التوفيق وأما كون عطف العمل على الإيمان يقتضي بالمغايرة."

يقتضي المغايرة الأصل إذا قلت جاء زيد وعمرو العطف هذا لأي شيء؟ مغايرة بلا شك فعمرو غير زيد بلا إشكال لكن ليس كل من مَن ما عطف على غيره هو غيره فقد يكون هو نفسه وقد يكون جزءًا منه وقد يكون أعم منه وقد يكون أخص وقد يكون غيره كما هنا كما في المثال.

"وأما كون العطف على الإيمان يقتضي المغايرة فلا يكون العمل داخلاً في مسمى الإيمان فلا شك أن الإيمان تارة يطلق مطلقًا عن العمل وعن الإسلام وتارة يقرن بالعمل الصالح وتارة يقرن بالإسلام فالمطلق مستلزم للأعمال قال تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} [سورة الأنفال:2]."

هل يتصور مثل هذا الخوف والوجل من شخص لا يصلي ولا يصوم ولا يزكي ولا يفعل شيئًا من الشرائع؟ تتلى عليه فيزداد إيمانًا يجل قلبه ويخاف وهو متوعد بنصوص كثيرة فيما تركه من عبادات أو فيما تركه من المحرمات أو أن هذا في في المؤمن العامل في جميع ما فرضه الله عليه وافترضه الله عليه؟ ما يتصور أنه في شخص آمن إيمانًا مجردًا دون أي عمل.

طالب: ............

فالمطلَق يدخل فيه العمل باعتباره جزءًا منه وركن منه أو شرط.

طالب: ............

ما هو منه لا لا، فيه تجوُّز لكنه جزء العمل جزء من الإيمان جزء من التركيبة الكاملة للإيمان المبنية على القول الشهادة والاعتقاد والعمل.

"وقال تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} [سورة الحجرات:15] الآية وقال {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [سورة النــور:62] وقال {وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَااتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ} [سورة المائدة:81] وقال -صلى الله عليه وسلم- «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» الحديث وقال -صلى الله عليه وسلم- «لا تؤمنوا حتى تحابوا» وقال «من غشنا فليس منا ومن حمل علينا السلاح فليس منا» وما أبعد قول من قال إن معنى قولَه.."

قولِه.

"إن معنى قولِه «فليس منا» أي فليس مثلنا فليت شعري فمن لم يغش يكون مثل النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه؟!"

هيهات يعني لو فعل جميع ما أمر به واجتنب جميع ما نهي عنه لن يصل إلى أدنى الصحابة منزلة.

طالب: ............

{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} [سورة الحجرات:15] وش فيها؟

طالب: ............

المسألة ترتيب أن الريبة تقع بعد ذلك يعني لم يخالط إيمانهم ريبة أو شك.

"وأما إذا عُطِفَ عليه العمل الصالح فاعلم أن عطف الشيء على الشيء يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه مع الاشتراك في الحكم الذي ذكر لهما والمغايرة على مراتب أعلاها أن يكونا متباينين ليس أحدهما هو.."

يعني مثل ما قلنا في زيد وعمرو.

"ليس أحدهما هو الآخر ولا جزؤه ولا بينهما تلازم كقوله تعالى {خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [سورة الأنعام:1]."

فالأرض غير السموات والنور غير الظلمات.

"وقوله {وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ} [سورة آل عمران:3]."

فالإنجيل غير التوراة هذا هو المعروف والمقرَّر عند أهل السنة والجماعة أن كلام الله متجدد كما نطق بالتوراة وكتبها بيده أيضًا نطق بالإنجيل جل وعلا وكلامه بحرف وصوت يُسمَع وهذا يرد على قول من قال أن كلام الله واحد وأن الله تكلم في الأزل وكلامه واحد لا يتغير فالتوراة هي الإنجيل والإنجيل هو القرآن لكن الاختلاف في اللغات وهذا كلام باطل بلا شك.

"وهذا هو الغالب ويليه أن يكون بينهما تلازم كقوله تعالى {وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ} [سورة البقرة:42]."

يعني من لازم لبس الحق بالباطل كتمان الحق لأنه لو لم يكتم الحق وبُيِّن ووضح ما حصل اللبس.

"وقوله {وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} [سورة المائدة:92]."

لأن طاعة الرسول من طاعة الله.

"الثالث عطف بعض الشيء عليه كقوله تعالى {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى} [سورة البقرة:238] وقوله {مَن كَانَ عَدُوّاً لِّلّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} [سورة البقرة:98] وقوله.."

فالصلاة الوسطى بعض الصلوات التي نمر بها وهي الخمس وهي صلاة العصر وجبريل بعض من عطف عليه وهم الملائكة وهذا من عطف الخاص على العام ويأتي عكسه عطف العام على الخاص والمراد منه والفائدة منه الاهتمام بشأن الخاص والعناية به حيث ذكر مرتين مرة مع اللفظ العام ومرة على سبيل الإفراد.

"وقوله {مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ} [سورة الأحزاب:7] وفي مثل هذا وجهان أحدهما أن يكون داخلاً في الأول فيكون مذكورًا مرتين."

يعني مع العام وعلى سبيل الإفراد والاستقلال.

"والثاني أن عطفه عليه يقتضي أنه ليس داخلاً فيه هنا وإن كان داخلاً فيه منفردًا كما قيل مثلَ ذلك في لفظ.."

مثلُ.

حسن الله إليك.

"كما قيل مثلُ ذلك في لفظ الفقراء والمساكين ونحوه مما تتنوع دلالته بالإفراد والاقتران الرابع عطف الشيء على الشيء.."

إذا قيل الصدقات للفقراء إطعام عشرة مساكين هل يطعم الفقراء والا ما يطعمون؟ يطعمون من باب أولى ما يقال هذا خاص بالمساكين والمسكين غير الفقير لا، لأنه أفرد المسكين فيدخل فيه الفقير وإذا أفرد الفقير دخل فيه المسكين وإذا عطف المساكين على الفقراء فالفقراء لهم معنى والمساكين لهم معنى.

"الرابع عطف الشيء على الشيء لاختلاف الصفتين كقوله تعالى {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ} [سورة غافر:3] وقد جاء في الشعر العطف لاختلاف اللفظ فقط كقوله:

........................

 

 

 

فألفى قولها كذبًا ومينا

الكذب هو المين المين كذب فعطف عليه للاختلاف في اللفظ فقط وإن كان المعنى واحد.

"ومن الناس من زعم أن في القرآن من قوله تعالى.."

من ذلك أن في القرآن من ذلك قوله تعالى.

طالب: ............

معروف هذا عند أهل العلم فيه خلاف منهم من ينفي أن يكون الكذب هو المين من كل وجه.

"ومن الناس من زعم أن في القرآن من ذلك قوله تعالى {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} [سورة المائدة:48] والكلام على ذلك معروف في موضعه."

في صحيح البخاري من تفسير ابن عباس لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجًا سبيلاً وسنة سبيلاً وسنة فالمنهاج هو السبيل والشِّرعة هي السنة.

"فإذا كان العطف في الكلام يكون على هذه الوجوه نظرنا في كلام الشارع كيف ورد فيه الإيمان فوجدناه إذا أطلق يراد به ما يراد بلفظ البر والتقوى والدِّين ودين الإسلام ذَكَر في أسباب النزول أنهم سألوا عن الإيمان.."

ذَكَر والا ذُكِر؟

طالب: ............

وش هو؟

طالب: ............

من الذي ذَكر فيه فاعل؟ إذًا ذُكِر.

"ذُكِر في أسباب النزول أنهم سألوا عن الإيمان فأنزل الله هذه الآية {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ} [سورة البقرة:177] الآيات قال محمد بن نصر حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا عبد الله بن يزيد بن المَقري.."

المُقري..

محمد بن نصر المروزي ممن يرى الترادف بين الإسلام والإيمان كالبخاري رحم الله الجميع.

"قال حدثنا عبد الله بن يزيد  المُقرئ والمَلائي.."

المُلائي.

"والمُلائي قالا حدثنا المسعودي عن القاسم قال جاء رجل إلى أبي ذر رضي الله عنه فسأله عن الإيمان فقرأ {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ} [سورة البقرة:177] إلى آخر الآية فقال الرجل ليس عن هذا سألتك فقال جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-."

يعني يسأله عن الإيمان يجيبه بالبر استنكر قال ما سألتك أنا عن البر أسألك عن الإيمان لكن لو كمَّل الآية {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} [سورة البقرة:177].

"فقال جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن الذي سألتني عنه فقرأ عليه الذي قرأت عليك فقال له الذي قلتَ لي فلما أبى أن يرضى قال إن المؤمن الذي إذا عمل الحسنة سرته ورجى ثوابها وإذا عمل السيئة ساءته وخاف عقابها وكذلك أجاب جماعة من السلف بهذا الجواب وفي الصحيح قوله لوفد عبد القيس «آمركم بالإيمان بالله وحده أتدرون ما الإيمان بالله شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن تؤدوا الخمس من المغنم»."

ففسر الإيمان هنا بالأعمال الظاهرة كما فسر الإسلام بها في حديث جبريل لأنه ذكر الإيمان مفرد فيصح أن يفسَّر بالإيمان الباطن ويصح أن يفسر بالأعمال الظاهرة وإذا قرن مع الإسلام استقل الإيمان بمعنى واستقل الإسلام بمعنى.

"ومعلوم أنه لم يرد أن هذه الأعمال تكون إيمانًا بالله بدون إيمان القلب لما قد أخبر لما قد أخبر في مواضع أنه لا بد من إيمان القلب فعُلم أن هذه مع إيمان القلب هو الإيمان وأي دليل على أن الأعمال داخلة في مسمّى الإيمان فوق هذا الدليل فإنه فسَّر الإيمان."

الحديث الحديث في الصحيح وفسَّر الإيمان بالشهادتين وإقام الصلاة يعني بأركان الإسلام كما في حديث جبريل كيف يقال إن الأعمال ليست داخلة في الإيمان وهو يُسأل عن الإيمان ويذكر فيه الأعمال من الصلاة والزكاة إلى آخره يعني ما فيه دليل أوضح من هذا.

"فإنه فسر الإيمان بالأعمال ولم يذكر التصديق للعلم بأن هذه الأعمال لا تفيد مع الجهود وفي المسند عن أنس رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال «الإسلام علانية والإيمان في القلب»."

لكن الحديث مضعَّف عند أهل العلم.

"وفي هذا الحديث دليل على المغايرة بين الإسلام والإيمان ويؤيد حديث جبريل."

ويؤيده حديث جبريل.

"ويؤيده حديث جبريل عليه السلام وقد قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» فجعل الدين هو الإسلام والإيمان والإحسان فبيَّن أن ديننا يجمع الثلاثة لكن هو درجات ثلاث."

نعم الدين مراتب أعلاها مرتبة الإحسان ثم الإيمان وأدناها الإسلام.

"مسلم ثم مؤمن ثم محسن والمراد بالإيمان ما ذكر في الإسلام قطعًا كما أنه أريد بالإحسان ما ذكر مع الإيمان والإسلام."

العطف العطف عطف الإسلام على الإيمان والإيمان على الإحسان هذا ليس من باب المغايرة فيه تداخل فالإسلام يشترك مع الإيمان والإيمان يشترك مع الإحسان وهكذا هذا فيه تداخل.

"لا أن الإحسان يكون مجردًا عن الإيمان هذا محال وهذا كما قال تعالى {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [سورة فاطر:32] والمقتصد والسابق كلاهما يدخل الجنة بلا عقوبة."

المقتصد الذي يعمل الواجبات ويترك المحرمات ولا يزيد على ذلك والسابق من يزيد على ذلك من أنواع العبادات والتطوعات هذا سابق وأما الظالم لنفسه هو الذي يقترف بعض المحرمات.

"بخلاف الظالم لنفسه فإنه معرَّض للوعيد وهكذا من أتى بالإسلام الظاهر مع التصديق بالقلب لكن لم يقم بما يجب عليه من الإيمان الباطن فإنه معرَّض للوعيد فأما الإحسان فهو أعم من جهة نفسه وأخص من جهة أهله."

لكن لم يقم بما يجب عليه من الإيمان الباطن ليس معنى هذا أن الإيمان بالباطن زائل بالكلية لكن فيه خلل فيه نوع خلل لكن هو موجود في الأصل وليس كإيمان من كمل إيمانه وإنما نقص من إيمانه بقدر ما انتقص من الواجبات أو ارتكب من المحرمات.

"فأما الإحسان فهو أعم من جهة نفسه وأخص من جهة أهله والإيمان أعم من جهة نفسه وأخص من جهة أهله من الإسلام فالإحسان.."

لا شك أن مرتبة الإحسان أخص وأهلها أقل لأنها مرتبة زائدة على الإيمان ومرتبة الإيمان أخص وأهلها أقل من أهل الإسلام الذين هم عموم من ينتسب إلى الإسلام ممن لم يرتكب ناقض كما هو معلوم.

"والإيمان يدخل فيه الإسلام والمحسنون أخص من المؤمنين والمؤمنون أخص من المسلمين وهذا كالرسالة والنبوة فالنبوة داخلة في الرسالة والرسالة أعم من جهة نفسها وأخص من جهة أهلها."

نعم، أعم من جهة نفسها باعتبار أن الرسل قد يكونون من الإنس وقد يكونون من الملائكة فهي أعم من جهة وأخص من جهة أخرى باعتبار أن الرسل أخص من الأنبياء فالأنبياء أعم وأكثر من الرسل.

"فكل رسول نبي ولا عكس ولا ينعكس فكل رسول نبيٍّ ولا ينعكس.."

نبيٌّ.

أحسن الله إليك.

"فكل رسول نبيٌّ ولا ينعكس وقد صار الناس في مسمى الإسلام على ثلاثة أقوال فطائفة جعلت الإسلام هو الكلمة وطائفة أجابوا بما أجاب به النبي -صلى الله عليه وسلم-."

جعلت الإسلام هو الكلمة يعني من قال لا إله إلا الله شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله فهو مسلم ولم يزيدوا على ذلك ولكن من حق هذه الشهادة ما ذُكِر معها من الشرائع.

"وطائفة أجابوا بما أجاب به النبي -صلى الله عليه وسلم- حين سئل عن الإسلام والإيمان حيث فسر الإسلام بالأعمال الظاهرة والإيمان بالإيمان بالأصول الخمسة وطائفة جعلوا الإسلام مرادفا للإيمان."

القول الأول هو قول جمهور السلف وأئمة أهل السنة والجماعة والذين جعلوا الإسلام المرادف للإيمان من أئمة الإسلام ومن أئمة أهل السنة والجماعة كالبخاري ومحمد بن نصر وغيرهما.

"وطائفة جعلوا الإيمان مرادفًا للإيمان وجعلوا معنى قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- إن الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وإقام الصلاة.."

وهو الإيمان كما جاء في حديث وفد عبد القيس فمن هذه الحيثية جعلوهما مترادفين.

"الحديث شعائر الإسلام."

جعلوا الإسلام هذه قالوا هذه شعائر.

"والأصل عدم التقدير مع أنهم قالوا إن الإيمان هو التصديق بالقلب ثم قالوا الإسلام والإيمان شيء واحد فيكون الإسلام هو التصديق."

نعم، هذا إلزام بالمقدمتين إذا كان الإيمان هو الإسلام والإيمان هو التصديق إذًا الإسلام هو التصديق ولا قائل بذلك من أهل العلم ما قال أهل العلم أحد من أهل العلم أن الإسلام هو التصديق.

"وهذا لم يقله أحد من أهل اللغة وإنما هو الانقياد والطاعة."

الإسلام في الأصل هو الاستسلام لله جل وعلا والانقياد له.

"وإنما هو الانقياد والطاعة وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «اللهم لك أسلمت وبك آمنت» وفسر الإسلام بالأعمال الظاهرة والإيمان بالإيمان بالأصول الخمسة فليس لنا إذا جمعنا بينهما أن نجيب بغير ما أجاب به النبي -صلى الله عليه وسلم-."

نعم إذا كان السؤال أو الاستفتاء فيه نص صحيح صريح بنص السؤال فيلزمنا الجواب بما أجاب به النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"وأما إذا أفرد إذا أفرد اسم الإيمان فإنه يتضمن الإسلام وإذا أفرد الإسلام فقد يكون مع الإسلام مؤمنًا بلا نزاع وهذا هو الواجب وقد يكون مسلمًا ولا يقال له مؤمن وقد تقدم الكلام فيه."
لأن الإيمان أخص ودائرة الإسلام أعم فقد يقال له مسلم ولا يستحق أن يوصف بأنه مؤمن لكن لا ينزع منه أصل الإيمان فهناك الإيمان المطلق ومطلق الإيمان.

"وكذلك هل يستلزم الإسلام الإيمان فيه النزاع المذكور وإنما وعد الله بالجنة في القرآن وبالنجاة من النار باسم الإيمان كما قال الله تعالى {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ } [سورة يونس:62-63] وقال تعالى {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [سورة الحديد:21] وأما اسم الإسلام مجردًا فما عُلِّق به في القرآن دخول الجنة لكنه فَرَضه وأخبر أنه دينه الذي لا يقبل من أحد سواه وبه بعث النبيين {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ} [سورة آل عمران:85]."

يقول وأما اسم الإسلام مجردا فما علق به في القرآن دخول الجنة يعني قد يدخل النار بحسب ما ارتكبه من ترك لأوامر أو اجتناب لنواهي ولكن مآله إذا كان يستحق اسم الإسلام مآله إلى الجنة.

ونقف على هذا.. حالة الاقتران..

اللهم صل وسلم على البشير النذير... اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك...