كتاب الصلاة (30)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجَمَعين.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالى-:

"باب: إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ:

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِىِّ عَنْ أَبِى قَتَادَةَ السَّلَمِىِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ»".

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ ورسولِهِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأصَحْابِهِ أجمعين، أما بعد،

فيقول الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالى-:

"باب: إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ".

يعني إذا دخل أحدكم كما جاء في الحديث.

طالب: ....

ماذا؟

طالب: ....

الشيخ: إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ، سيجيء كلام، نعم، حذف الفاعل إذا دخل المسجد؛ الحافظ، وذكر في رواية الأصيليِّ وكريمة كلفظ المتن: «أَحَدُكُمُ».

"إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ".

يعني حذف الفاعل للعلم به، فدواعي حذف الفاعل كثيرة، وإذا حذف الفاعل فالأصل أن ينوب المفعول منابه، ويحذف الفاعل للعلم به {..خُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا}[النساء:28]، أحد يجهل مَنِ الذي خلق الإنسان؟ وأحيانًا للجهل به، كما تقول: سُرِق المتاع؟ تعرف السارق؟ يقولون: سُرق المتاع يعني ما يعرفه، إلى غير ذلك من الدواعي التي تدعوا إلى حذف الفاعل، وإقامة المفعول أو غير منابه.

فقوله: "إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ".

هذا واضح، من الذي يدخل المسجد؟ المسلم، وأحدكم وإن كان أصله للرجال فالمرأة مثله، إذا دخلت المرأة تصلي ركعتين قبل أن تجلس؛ لأن النساء شقائق الرجال، ولم يرد ما يخصص الرجال بذلك، فالحكم واحد.

قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ".

وهو التنِّيسي.

"قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ".

ابن أنس.

"عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِىِّ، عَنْ أَبِى قَتَادَةَ السَّلَمِىِّ".

سَلِمي من بني سَلِمة بالكسر الأنصاري، وإذا وجد في مثل هذا الضبط أو هذه الصيغة مكسور الثاني، فُتح في النسبة، سَلَمة سَلِمي، النَّمَري نسبة إلى نَمِر؛ إلى النمر، مَلَكي نسبة إلى مَلِك، وهكذا.

"عَنْ أَبِى قَتَادَةَ السَّلَمِىِّ".

ما اسمه؟

الحارث بن ربعي.

"أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ»".

هاتان الركعتان تسمى عند أهل العلم بركعتي تحية المسجد، والمقصود منهما شغل البقعة في هذا الوقت الذي هو وقت الدخول، فلو وجد الناس يصلون الفريضة سقطت، تسقط ولو صلى ركعتي الطواف أيضًا سقطت، فالمقصود منهما شغل البقعة على ما يقول أهل العلم.

"فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ".

هل العدد مفهومه مُراد، بمعنى أنه لا يزيد فيصلي أربعًا، ولا ينقص بحيث يصلي واحدة؟

طالب: ...

الشيخ: نعم، لكن الكلام على ما إذا صلى أربعًا أو ستًّا أو ثمانٍ أو أوتر بإحدى عشرة، نقول صلِّ ركعتين؟ لا، لكن إذا صلى واحدة، هل يتأدى هذا الطلب بركعة واحدة والرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- يقول: يركع ركعتين.

طالب: .......

الشيخ: ماذا؟

طالب: ....

نعم، لكن ركعتين التنصيص على ركعتين، بعضهم قال: المفهوم معتبر، والزيادة مقبولة، يعني إذا زدت تحقق الطلب، بكونك صليت ركعتين وزدت، لكن لو صليت ركعة واحدة ما تحقق، وهذا معروف عند أهل العلم، بعضهم يقول: ما تجزئ الركعة الواحدة، ما تكفي.

"«قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ»".

إذا دخل وجلس مثلًا ليرد النفس لمجيئه من مكانٍ بعيد أو طريقٍ شاق، ثم قام فصلى ركعتين تجزئ قبل أن يجلس أم ما تجزئ؟ هل يقال: تُقضى أو يقال: سُنَّةٌ فات وقتها؟

طالب: ....

الشيخ: ماذا؟

طالب: ....

منهم من فرَّق بين طول الفصل وقصره، ومنهم من قال: خلاص إنه فات وقتها، ومنهم من قال: إن النبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- قال: «قُمْ فَصِلِّ رَكْعَتَيْنِ»، بعد أن جلس، وسيأتي هذا في الشرح.

طالب: ......

الشيخ: عامَّةُ أهل العلم، وجمهور أهل العلم أن هاتين الركعتين سُنَّة، وليست بواجبة، ورأى النبي- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- مَنْ دخل والصحابة حوله فجلس ما أمره بذلك، بينما أمر الداخل وهو يخطب، مما يدل على أن الأمر للاستحباب، وليس للوجوب، هذا قول عامَّة أهل العلم.

طالب:.....

الشيخ: وأوجبها الظاهرية، قالوا: هي واجبة؛ لصراحة الأمر بذلك، والأصل في الأمر الوجوب. وهذه مسألة مشكلة، يوجد في كلام الظاهرية ما تنطبق عليه القواعد، والجمهور أو عامَّةِ أهل العلم على خلافه، في كثيرٍ من المسائل التي يكون الأمر فيها ظاهرًا، يحمله الجمهور على الاستحباب، ولو لم نقف على صارف، وقل مثل هذا في النهي، يقولون: للكراهة، ولو لم نجد صارفًا، والظاهرية مضطرد مذهبهم، كُلُّ أمر للوجوب، وكُلُّ نهي للتحريم.

طالب:........

الشيخ: أهل العلم أدلتهم كثيرة على عدم الوجوب، لكن نناقش نصًّا بين يدينا، فليركع، أنا أقول في أصل المسألة، يعني كُلّ ما مرَّ عليك من المسائل ولو لم تجد صارفًا، هل تقول بقول الظاهرية؟ لأنه انطبقت عليه القواعد ولا صارف ولا شيء؟

طالب: هو الأصل ...

الشيخ: طيب، والأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة.

الطالب: إذا وجد صارف.

الشيخ: لا؛ ما وُجد صارف، أنت بحثت ما وجدت صارفًا، فهل تتبع الأربعة، أم تتبع الظاهرية؟ أنت بحثت مسألة.

الطالب: النفس تجاه الظاهرية.

الشيخ: إذًا أنت ظاهري!

النووي يقول: "ولا يُعتدُّ بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد"، قاله في شرح مسلم، وقاله في تهذيب الأسماء.

"لا يُعتدُّ بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد".

ولذلك النووي ينقل الإجماع في مسائل، وخلاف الظاهرية موجود واضح، لماذا لم يلتفت إلى قولهم؟

طالب: القواعد العامة ...

الشيخ: لا، الصوارف أكثر من أن تكون نصوصًا، مثل المخصصات، أكثر من أن تكون نصوصًا، أعم.

على كل حال المسألة قديمة، وعريقة، وأوجبت التوقف من بعض أهل العلم، الأئمة الأربعة وأتباعهم قالوا بالاستحباب، وأوجبه الظاهرية أو العكس في النهي.

لا شك أن قول الجمهور وعامَّة أهل العلم له هيبة، تورث في النفس توقفًا، والله المستعان.

طالب:.......

الشيخ: لا لا، تدخل تبعًا، تدخل من دون نيَّة؛ لأن المقصود كما قال أهل العلم شغل البقعة وقد شغلت، خلاص انتهى.

طالب: ......

الشيخ: هي داخلة، لو أنت تصلي التحية في بيتك وجئت صليت التحية في المسجد، وهذا قصدك من الأصل، لكن لما صليت راتبة الصبح، وهي تجزئ عنها، دخلت فيها.

مسألة صلاة التحية وغيرها من ذوات الأسباب في أوقات النهي كررنا فيها البحث، واستطردنا فيها في مواضع كثيرة جدًّا، وفيها شريط مستقل لهذه المسألة؛ لأن في نهيًا عن الجلوس، وأمرًا بأن يصلي ركعتين. وفيه نهي صريح عن الصلاة في الأوقات الخمسة، بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، وحين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تزول، من بعد صلاة العصر حتى تضيف الشمس للغروب، وآخر الوقت حتى تغرب، خمسة أوقات.

هذه الأوقات الخمسة جاء النهي عن الصلاة فيها، مع أن الوقتين الموسعين؛ لأن عندنا تعارض عموم الأمر وعموم النهي، عموم الأمر بالركعتين، وعموم النهي عن الصلوات في هذه الأوقات، فالأمر عامٌّ في الأوقات، خاصٌّ بهذه الصلوات، والنهي عامٌّ في الصلوات خاصٌّ في هذه الأوقات.

في الوقتين الموسعين جاء التخصيص، النبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- صلى راتبة الظهر بعد العصر، والذي دخل وقد فاتته صلاة الصبح قال النبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: «مَنْ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذَا؟»، فصلى معه واحد نافلة، فهذا مُخصِّص لعموم النهي، وإذا دخل المُخصِّص يضعف النص، تضعف قوة النص. أما الأوقات الثلاثة فلا مُخصِّصَ فيها، وفيها شدة في النهي، ثلاث ساعاتٍ كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ينهانا أن نصلي فيهنَّ وأن نقبر فيهنَّ موتانا، وذكر الأوقات الثلاثة، ولا أريد أن أطيل في هذه المسألة؛ لأنها من عُضَلِ المسائل، حتى قال بعض أهل العلم: إذا دخلت في الأوقات الثلاثة المضيَّقة لا تجلس، ولا تصلي؛ لئلا تخالف هذا، ولا تخالف هذا، قف أو لا تدخل المسجد.

طالب: الشوكاني.

الشيخ: الشوكاني وقال به غيره.

المقصود أن المسألة طويلة الذيول، وهي من عُضَلِ المسائل، وتجد المتوسط من طلاب العلم إذا عُرضت عليه قال: أحاديث النهي عامة، وأحاديث ذوات الأسباب خاصة، والخاص مقدم على العام.

وهذا ليس بصحيح، هذا قال به الشافعية صحيح، لكن الأئمة الثلاثة قالوا بخلافه.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"قَوْلُهُ: "بَابُ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ".

حَذَفَ الْفَاعِلَ لِلْعِلْمِ بِهِ، وَذَكَرَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ كَلَفْظِ الْمَتْنِ".

يعني باب «إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ».

"قَوْلُهُ: "عَنْ أَبِي قَتَادَةَ" بِفَتْحَتَيْنِ هَكَذَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: عَنْ جَابِرٍ، بَدَلَ أَبِي قَتَادَةَ، وَخَطَّأَهُ التِّرْمِذِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُمَا.

قَوْلُهُ: "السَّلَمِيُّ" بِفَتْحَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَنْصَارِ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّ كَالَّذِي بَعْدَهُ.

 قَوْلُهُ: "فَلْيَرْكَعْ" أَيْ: فَلْيُصَلِّ مِنْ إِطْلَاقِ الْجُزْءِ وَإِرَادَةِ الْكُلّ.

قَوْلُهُ: "رَكْعَتَيْنِ" هَذَا الْعَدَدُ لَا مَفْهُومَ لِأَكْثَرِهِ بِاتِّفَاقٍ، وَاخْتُلِفَ فِي أَقَلِّهِ، وَالصَّحِيحُ اعْتِبَارُهُ، فَلَا تَتَأَدَّى هَذِهِ السُّنَّةُ بِأَقَلَّ مِنْ رَكْعَتَيْنِ، وَاتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ لِلنَّدْبِ، وَنقل ابن بَطَّالٍ عَنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ الْوُجُوبَ، وَالَّذِي صَرَّحَ بِهِ ابن حَزْمٍ عَدَمُهُ، وَمِنْ أَدِلَّةِ عَدَمِ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِلَّذِي رَآهُ يَتَخَطَّى: اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِصَلَاةٍ، كَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا: الْأَوْقَاتُ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا لَيْسَ هَذَا الْأَمْرُ بِدَاخِلٍ فِيهَا".

لأن الحنفية مثل المالكية والحنابلة ما يرون التنفل لا بذوات الأسباب ولا غيرها في أوقات النهي، إضافةً إلى أن الحنفية يشددون في هذا، ويدخلون في النهي الفرض، الفرائض، يدخلونها في النهي، فلا تُصلى في أوقات النهي، ويستدلون بأن النبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لما فاتته صلاة الصبح انتقل من المكان الذي فيه؛ ليخرج وقت النهي كذا يقولون، وهذا الكلام يرده النص، هم ما أيقظهم إلا حرَّ الشمس، فيقينًا وقت النهي قد خرج، والعلة في الانتقال معروفة؛ لأنه في مكانٍ حضر فيه الشيطان.

فالصواب أن الفرائض غير داخلة، وفيه قوله -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ، قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ»، الثانية متى تكون؟ في وقت النهي المضيق، «وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ»، وهو كذلك، نعم.

طالب:......

الشيخ: ما يضبطون مثل هذا في العادة، أنا أقول لك: ما يضبطون مثل هذا، يعني سبق نظر أو شيء، سَلِمي فقد تحتاج، لكن قتادة، فيه أحد يضبط قال؟! لا بد أن تُفتح بعدها ألف، الذي يمكن ضبطها القاف؛ لئلا يُقال: قُتادة، ولا قِتادة، التاء ما تُضبط؛ لأنه لا يمكن أن تُنطق إلا مفتوحة، نعم.

"وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا: الْأَوْقَاتُ الَّتِي نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا لَيْسَ هَذَا الْأَمْرُ بِدَاخِلٍ فِيهَا.

قُلْتُ: هُمَا عُمُومَانِ تَعَارَضَا الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ لِكُلِّ دَاخِلٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَالنَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتٍ مَخْصُوصَةٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَخْصِيصِ أَحَدِ الْعُمُومَيْنِ، فَذَهَبَ جَمْعٌ إِلَى تَخْصِيصِ النَّهْيِ، وَتَعْمِيمِ الْأَمْرِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ".

الشافعية، هذا كلام الشافعية.

"وَذَهَبَ جَمْعٌ إِلَى عَكْسِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ".

والحنابلة أيضًا.

"قَوْلُهُ: "قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ" صَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ إِذَا خَالَفَ وَجَلَسَ لَا يُشْرَعُ لَهُ التَّدَارُكُ، وَفِيهِ نظر؛ لما رَوَاهُ ابن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَرَكَعْتَ رَكْعَتَيْنِ؟»، قَالَ: لَا، قَالَ: «قُم فَارْكَعْهُمَا»، ترْجم عَلَيْهِ ابن حِبَّانَ أَنَّ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ لَا تَفُوتُ بِالْجُلُوسِ.

قُلْتُ: وَمِثْلُهُ قِصَّةُ سُلَيْكٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ.

وَقَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: يَحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: وَقْتُهُمَا قَبْلَ الْجُلُوسِ وَقْتُ فَضِيلَةٍ، وَبَعْدَهُ وَقْتُ جَوَازٍ أَوْ يُقَالُ: وَقْتُهُمَا قَبْلَهُ أَدَاءٌ، وَبَعْدَهُ قَضَاءٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُحْمَلَ مَشْرُوعِيَّتُهُمَا بَعْدَ الْجُلُوسِ عَلَى مَا إِذَا لَمْ يَطُلِ الْفَصْلُ.

فَائِدَةٌ:

حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ هَذَا وَرَدَ عَلَى سَبَبٍ، وَهُوَ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جَالِسًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَجَلَسَ مَعَهُمْ، فَقَالَ لَهُ: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تَرْكَعَ؟» قَالَ: رَأَيْتُكَ جَالِسًا وَالنَّاسُ جُلُوسٌ، قَالَ: «فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يرْكَع رَكْعَتَيْنِ»، أخرجه مُسلم، وَعند ابن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ" «أَعْطُوا الْمَسَاجِدَ حَقَّهَا»، قِيلَ لَهُ: وَمَا حَقّهَا؟ قَالَ: «رَكْعَتَيْنِ قبل أَن تجْلِس»".

بعده.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:

"بَابُ الْحَدَثِ فِي الْمَسْجِدِ:

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عنْهُ-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ»".

يقول الإمام -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:

"بَابُ الْحَدَثِ فِي الْمَسْجِدِ".

الحَدَث يُفَسر بما ينقض الوضوء، وفسّره أبو هريرة بالريح، قيل: وما الحدث يا أبا هريرة؟ قال: فُساءٌ أو ضُراط، ويمكن أن يفسر بما هو أعم من ذلك من الحدث الذي ينقض الطهارة، والحدث الذي هو إحداثٌ في الدين، والحدث الذي هو أذى للناس، وفي الحديث: «مَا لَمْ يُحْدِثْ مَا لَمْ يُؤْذِ»، فإذا حصل منه شيءٌ من ذلك تتوقف الملائكة عن الاستغفار له.

والحدث في المسجد من إرسال الحدث فيه، مما لا جرم له، بل صوتٌ أو ريحٌ فقط بغير حاجة لا شك أنه يُكره، ومع الحاجة لا بأس به، يقول ابن العربي في عارضة الأحوذي: "ولا بأسَ بإرسال الفُسَاءِ والضُراط في المسجد للحاجة"، للحاجة ليس معناه أنك إذا جلست تذكر الله في المسجد ثم فجئك الأمر واحتجت إلى ذلك أن تخرج من المسجد وتدخل! لا، هذا الأمر فيه سَعَة؛ لأنه لا يترتب عليه تلويث للمسجد ولا إهانة للمسجد؛ لوجود الحاجة، وإلا من غير حاجة فلا شك أنه مُخل بالمروءة، وأيضًا فيه سوء أدب في المسجد، وسوء أدب مع الجليس.

طالب: ...

الشيخ: مازال في مُصَلَّاه، المُصلى أعم من أن يكون البقعة التي أدى فيها الصلاة، المسجد كُلُّه مُصلى.

والأحوط أن لا يقوم من مكانه الذي أدى فيه الصلاة؛ لأنه لا خلاف فيه، وإن قام ليتحقق له الجلوس أو يستعين بهذا القيام على الجلوس؛ ليتكئ مثلًا، فهذا داخل في المقصود، خرج للوضوء خلاص انقطع، يدخل من جديد ويُحتسب له من جديد، مادام ينتظر الصلاة.

قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ".

التِّنِّيسي.

"قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ".

عبد الله بْنِ ذكوان.

"عَنِ الأَعْرَجِ".

عبد الرحمن بْنِ هُرمز.

"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عنْهُ-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «المَلاَئِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ»".

والمراد بهنَّ الحفظة.

"«تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ»".

هناك أمور تقتضي أن ينتقل الإنسان عن مصلَّاه الذي صلى فيه، مثل ما عندنا في هذا المسجد، قد يقول قائل: أنا أُصَلي في مسجد الراجحي، أصلي على عدد من الجنائز، وأنتقل من المسجد الذي صليت فيه إلى مكان الدرس، والدرس تأخر فننتظر له، يدخل في هذا، أم ما يدخل؟

انتقل من مكانه الذي صلَّى فيه، لقصدٍ شرعي، وليس معناه إذا فرَّط في شيء أنه لا يحصل له غيره، يحصل له بسبب الصلاة على الجنائز أجور عظيمة، قراريط، لو خرج من المسجد الذي صلَّى فيه وأتى للدرس أو ليدرك الصلاة، وخشي أن تفوته الصلاة في المسجد الذي فيه الدرس أو ما أشبه ذلك، مقاصد شرعية، ومقاصد راجحة، فلا مانع أن يصلي في المكان الذي فيه الجنائز ويأتي للدرس.

طالب: ....

الشيخ: يوم الجمعة، نعم، أين؟

لا، يعني تستغفر له الملائكة؟

طالب: ....

لا، لا، خلاص انتقل من مكانه الذي صلى فيه، وحصَّل من الأجور أضعاف أضعاف ما ترك، والعلم عند الله- جَلَّ وعلا-.

هذه مقاصد شرعية، ومرعية في الشرع، وعند التعارض في الترجيح بين العبادات قد يتعارض، عندك أكثر من عبادة في وقتٍ واحد، فأنت ترجح بينها بحسب الأفضل منها.

طالب: بخصوص .......

الشيخ: .......

طالب: .......عن السمع يسمع ...

الشيخ: يقول أخبرنا، هذا في الصيغة المتعينة في هذه الحالة، فيما إذا كان طريق الرواية هو العرض، يسمونه العرض، وصيغته أخبرنا، ولا يقال: حدثنا إلا على مذهب الإمام البخاري الذي توسع في مثل هذا.

طالب:.....

الشيخ: كيف؟ راتبة أيش؟

الطالب: العشاء وأذن.....

الشيخ: لا، ما يضر، ما يضر إن شاء الله.

"عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «المَلاَئِكَةُ»".

والمراد بهم الحفظة، واللفظ يحتمل العموم.

"«تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ»".

وهذا بالنسبة للرجال في المساجد، وبالنسبة للنساء في البيوت، مادامت في مصلَّاها التي صلت فيه، لكن لو صلت في المسجد فهل يحصل لها مثل ما يحصل للرجل؟ والرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- يقول: «بَيْتِهَا خَيْرٌ لَهَا».

طالب: .... عن البيت.

الشيخ: لا شك أن البيت بالنسبة للمرأة أفضل؛ لأن الرسول -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- يقول: «بَيْتِهَا خَيْرٌ لَهَا»، والنافلة بالنسة للرجال أفضل، «صَلاةُ الرَّجُلِ في بَيتِه أَفْضَلُ إلاَّ الْمَكْتُوبَة».

"«فِي مُصَلَّاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ»".

هل هو خاص بالبقعة التي لا تستوعب غير حجمه التي صلَّى فيها، أو أن المسجد كُلُّه محل للصلاة فهو مُصلَّى؟ فضل الله واسع، يعني إذا كان هناك مبرر يقوم من مكانه إلى مكان في المسجد الذي صلى فيه من أجل أن يستعين على الجلوس فلا شك أن مثل هذا داخل.

"«مَا لَمْ يُحْدِثْ»".

الحدث الأصل فيه ما ينقض الطهارة، هذا في الأصل، ويدخل في عمومه الإحداث في الدين؛ ومن الإحداث الأذى، وقد جاء التنصيص عليه.

"«مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ»".

"«تُصَلِّي عَلَى أَحَدِكُمْ»" يعني تدعو له، يعني الصلاة لغوية، الصلاة هنا لغوية، ما تكبر عليه الله أكبر وتركع وتسجد وتصلي عليه، لا، إنما المراد الصلاة اللغوية، وجاء تفسيرها في الحديث نفسه "«تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ»".

ومن ذلك: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُم إلى الطَّعَامِ فَلْيُجِب، فإنْ كان مُفْطرًا فليأكُلْ، وإنْ كَانَ صَائِمًا فليصلِّ»، يعني يدعو وينصرف، وإن قال بعضهم إنه يصلي ركعتين ويمشي.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

"قَوْلُهُ: بَابُ: الْحَدَثِ فِي الْمَسْجِدِ.

قَالَ الْمَازِرِيُّ: أَشَارَ الْبُخَارِيُّ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ مَنَعَ الْمُحْدِثَ أَنْ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ أَوْ يَجْلِسَ فِيهِ وَجَعَلَهُ كَالْجُنُبِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ هُنَا الرِّيحُ وَنَحْوُهُ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ.

وَقَدْ قِيلَ: الْمُرَادُ بِالْحَدَثِ هُنَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ أَيْ: مَا لَمْ يُحْدِثْ سُوءًا، وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ: «مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ»، وَفِي أُخْرَى لِلْبُخَارِيِّ «مَا لَمْ يُؤْذِ يُحْدِث فِيهِ».

«مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ بِحَدَثٍ فِيهِ» أو «يُحْدِثْ فيه» المعنى ما يختلف.

"وَسَيَأْتِي قَرِيبًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الثَّانِيَة تَفْسِير للأولى.

قَوْله: "الْمَلَائِكَة تصلي" للكشميهني: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي بِزِيَادَةِ إِنَّ، وَالْمُرَادُ بِالْمَلَائِكَةِ الْحَفَظَةُ أَوِ السَّيَّارَةُ أَوْ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: "تَقُولُ" إِلَى آخِره هُوَ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ: تُصَلِّي. قَوْلُهُ: "مَا دَامَ فِي مُصَلَّاهُ" مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إِذَا انْصَرَفَ عَنْهُ انْقَضَى ذَلِكَ.

وَسَيَأْتِي فِي بَابِ مَنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ بَيَانُ فَضِيلَةِ مَنِ انْتَظَرَ الصَّلَاةَ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ ثَبَتَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ مِنَ الْمَسْجِدِ أَمْ تَحَوَّلَ إِلَى غَيْرِهِ، وَلَفْظُهُ: «وَلَا يَزَالُ فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلَاةَ»، فَأَثْبَتَ لِلْمُنْتَظِرِ حُكْمَ الْمُصَلِّي، فَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ: فِي مُصَلَّاهُ عَلَى الْمَكَانِ الْمُعَدِّ لِلصَّلَاةِ، لَا الْمَوْضِعِ الْخَاصِّ بِالسُّجُودِ، فَلَا يَكُونُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ تَخَالُفٌ.

وَقَوْلُهُ: "مَا لَمْ يُحْدِثْ" يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ يُبْطِلُ ذَلِكَ وَلَوِ اسْتَمَرَّ جَالِسًا، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ فِي الْمَسْجِدِ أَشَدُّ مِنَ النخامة؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ لَهَا كَفَّارَةً.

وَلَمْ يَذْكُرْ لِهَذَا كَفَّارَةً، بَلْ عُومِلَ صَاحِبُهُ بِحِرْمَانِ اسْتِغْفَارِ الْمَلَائِكَةِ، وَدُعَاءُ الْمَلَائِكَةِ مَرْجُوُّ الْإِجَابَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {..وَلَا يشفعون الا لمن ارتضى..}[الأنبياء:28]، وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ مَنْ جَلَسَ يَنْتَظِرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى".

في تعليقٍ للشيخ ابن باز على كلام المؤلف في قوله: "وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ فِي الْمَسْجِدِ أَشَدُّ مِنَ النخامه لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ لَهَا كَفَّارَةً" أشد من النخامة، الآن الحدث ريح هل فيه أثر على المسجد؟ ما فيه أثر، والنخامة خطيئة ولها أثر، وأشدُّ منها البول، وهو داخل في الحدث لكن الشيخ يقول -رَحِمَهُ اللَّهُ- وهذا فيه تفصيل، فإن قُصد بالحدث المعصية أو البدعة فما قاله الشارح متوجه، وإن إريد بالحدث الريح ونحوها مما ينقض الطهارة سوى البول ونحوه فليس ما قاله الشارح واضحًا، والصواب هو إباحة ذلك أو كراهته من غير تحريم، وإن فاتته بذلك صلاة الملائكة، ويؤيد الثاني ما ذكره الشارح في شرح الحديث أربعمائة وسبعة وسبعين قريبًا.

أربعمائة وسبعة وسبعين في باب الصلاة في مسجد السوق، وفيه: وتصلي يعني الملائكة عليه مادام في مجلسه الذي يصلي فيه اللهم اغفر له اللهم ارحمه، ما لم يؤذِ، يحدثُ فيه، ما لم يحدث يؤذِ، كذا للأكثر بالفعل المجزوم على البدلية، ويجوز بالرفع على الاستئناف، وللكُشميهني: ما لم يؤذِ يُحْدِثُ فيه بلفظ بحَدَثٍ فيه، بلفظ الجار والمجرور متعلقًا بيؤذي، والمراد بالحدث الناقض للوضوء، يَحتملُ أن يكون أعم من ذلك، لكن صرَّح في رواية أبي داود من طريق أبي رافع عن أبي هريرة بالأول.

نعم.

طالب: عفا الله عنك،  ....من كلام الشيخ ......وهذا ليس مراد...

الشيخ: هو ما يخالف، لكن عِظَم الذنب وخفته مبنيٌّ على الأثر المترتب عليه، وما كان أثره أشد فإثمه أشد، وقد صرَّح بأن النخامة في المسجد خطيئة، وإن كان ذكر كفَّارتها بأن يدفنها، لكن هي خطيئة في الأصل.

نعم.

الطالب: أحسن الله إليك.

قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:

"بَابُ: بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ:

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عنه-: كَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، وَأَمَرَ عُمَرُ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَقَالَ: أَكِنَّ النَّاسَ مِنَ الْمَطَرِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ، فَتَفْتِنَ النَّاسَ، وَقَالَ أَنَسٌ: يَتَبَاهَوْنَ بِهَا، ثُمَّ لاَ يَعْمُرُونَهَا إِلاَّ قَلِيلًا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَتُزَخْرِفُنَّهَا كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى.

حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ، أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ، وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ، وَعُمُدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ، فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا، وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ، وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ، وَأَعَادَ عُمُدَهُ خَشَبًا، ثُمَّ غَيَّرَهُ عُثْمَانُ، فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً، وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقَصَّةِ، وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ، وَسَقَفَهُ بِالسَّاجِ".

يقول المؤلف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-:

"بَابُ بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ".

والمراد به مسجد النبي- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-.

"وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عنه-: كَانَ سَقْفُ الْمَسْجِدِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ".

وجاء ذلك في حديث قيامه -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- ليلة إحدى وعشرين، وأن النبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- رأى أنه يسجد في صبيحتها يعني ليلة القدر في ماءٍ وطين، فصلى صلاة الصبح من إحدى وعشرين، فوكف المسجد، وكان سقفه من جريد النخل.

"وَأَمَرَ عُمَرُ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ".

جريد النخل ما هو؟

طالب: السعف.

الشيخ: ما هو؟

طيب تقول: السعف.

الطالب: أصل السعف.

الشيخ: أو كلاهما، إجابة عسيف بسعفة؟

الطالب: .....

الشيخ: نعم، هو الجريد.

"وَأَمَرَ عُمَرُ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ".

لأنه في عهد عمر حصل فيه شيء من الخلل، وهذه العُسُف جريد النخل لا شك أنها مع الوقت تتأثر.

"وَأَمَرَ عُمَرُ بِبِنَاءِ الْمَسْجِدِ وَقَالَ: أَكِنَّ النَّاسَ مِنَ الْمَطَرِ".

يعني لا تزد على هذا، أكنَّهم من المطر ومن البرد، ومن الرياح الباردة، ومن حرِّ الشمس، هذه هي المقاصد.

"أَكِنَّ النَّاسَ مِنَ الْمَطَرِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ، فَتَفْتِنَ النَّاسَ".

ومع الأسف أنك تجد كُلَّ ما حَذِره أمير المؤمنين موجود في المساجد، انظر إلى الفرشة التي حذرك وما هي؟

ما لونها؟

طالب: حمراء.

الشيخ: والذي يتخللها هذا.

الطالب: صفراء.

الشيخ: نعم.

الطالب: تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّر.

"وَإِيَّاكَ" يحذره "أَنْ تُحَمِّرَ أَوْ تُصَفِّرَ، فَتَفْتِنَ النَّاسَ" الفتنة المراد بها شُغل القلب عن الحضور فيما جاء من أجله وهو الصلاة، والنبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لما صلى بالخميصة التي أهداها له أبو جَهم أو جُهيم قال: «رُدُّوها عَلَيْهِ، وأْتُوني بأَنْبِجانيَّته، كَادَتْ تَفْتِنَنِي فِي صَلَاتِي»، اللهم صلِّ على محمد، هذا الرسول الذي جاء من عبادة إلى عبادة، وقلبه مجتمعٌ عليه، ما بالك بالناس الذين يأتون من أعمالهم وأشغالهم ونسائهم، وذراريهم، وقلوبهم متعلقةٌ بدنياهم؟ هي مشغولة بدون شاغل، لكن بذل الأسباب مطلوب، وليس للإنسان من صلاته إلا ما عقل، فإذا دخل ووجد الزخارف، ووجد من الآلات المحدثة ما يصرفه عن صلاته صارت عونًا لنقص الصلاة، وهذا مما يحرص المسلم على إزالته؛ من أجل أن يحفظ قلبه، ويستكمل أجر صلاته.

ولذلك كانت القلوب أحضر حينما كانت المساجد مبنيَّة باللبن والطين من غير نقش ولا زخرفة، وكذلك البيوت لما كانت مبنيَّة على طرقٍ متواضعة ما فيها شيء من الزخارف كان القلب حاضرًا، لما زُخرفت المساجد، وأخبر النبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- عن ذلك: «لَتُزخرِفُنَّها كما زخرَفَتِ اليهودُ والنَّصارى»، ولذا عامة أهل العلم على المنع، وأجاز الحنفية زخرفة المساجد إذا زخرف الناس بيوتهم، يقولون: فبيوت الله أحقُّ بالتعظيم، لكن المقصد الشرعي لا شك أنه يختلف عن هذا جذريًّا، وإن كان بعضهم يقول: إن هذا من التعظيم للمساجد، ولكن الكلام على العلل المستنبَطة من النصوص الشرعية تأبى هذا وتنفيه.

"وَقَالَ أَنَسٌ: يَتَبَاهَوْنَ بِهَا".

وتسمع بعض الناس، مسجدنا أحسن من مسجدكم، ومسجدنا كذا.

طالب: أوسع، وأبرد.

الشيخ: نعم، يتباهون بما لا يُحتاجُ إليه في الصلاة.

"ثُمَّ لاَ يَعْمُرُونَهَا إِلاَّ قَلِيلًا".

والمراد بالعمارة المعنوية، وليس المراد بها العمارة الحسيَّة، يعمرونها بالصلاة والذكر، وأما العمارة الحسيَّة فهي مطلوبة، لكنها تبع للعمارة المعنوية {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ..}[التوبة:18]، «وَمَنْ بَنَى لِلَّهِ بَيْتًا وَلَوْ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ»، فجاء الحث على هذا وذاك، لكن المعنوية هي الأصل، وماذا ينتفع من يعمر مسجدًا وهو لا يصلي فيه! صلاته في بيته أو لا يصلي أصلًا، نسأل الله العافية.

""ثُمَّ لاَ يَعْمُرُونَهَا إِلاَّ قَلِيلًا، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَتُزَخْرِفُنَّهَا".

هي واقعة في جواب قسم محذوف تقديره: والله لَتُزَخْرِفُنَّهَا، يعني المساجد.

"كَمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى".

يعني معابدهم وكنائسهم.

طالب: .....

الشيخ: وزخارف، فيها زخارف، فيها نقوش، وفيها أشياء، والصور أعظم ما يفتن الإنسان، الصور، الله المستعان.

تعيش وترى، رأينا أشياء ما كنا نتوقعها.

ثم قال بعد ذلك:

"حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ".

يعني ابن المديني.

"قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ".

نافع مولى ابن عمر، وعبد الله هو ابن عمر.

"أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَبْنِيًّا بِاللَّبِنِ، وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ".

"وَسَقْفُهُ الْجَرِيدُ" أو "وَسَقَفَهُ بالْجَرِيدُ".

"وَعَمَدُهُ خَشَبُ النَّخْلِ".

أو "وَعُمُدُهُ" بالجمع، والعمد والخشب يجوز فيها الضبطان، بفتحتين أو ضمتين، عَمَد وعُمُد، وخَشَب وخُشُب.

"خَشَبُ النَّخْلِ فَلَمْ يَزِدْ فِيهِ أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا".

لعدم الحاجة الداعية لذلك.

"وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ: وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

زاد فيه في المساحة، لكنه بناه بمثل ما بناه به النبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- ما زاد على ذلك.

"بِاللَّبِنِ وَالْجَرِيدِ، وَأَعَادَ عَمَدَهُ خَشَبًا، ثُمَّ غَيَّرَهُ عُثْمَانُ".

رَضِيَ الله عن الجميع.

"فَزَادَ فِيهِ زِيَادَةً كَثِيرَةً، وَبَنَى جِدَارَهُ بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ وَالْقَصَّةِ".

يعني الجص، تعرفون الجص؟

"وَجَعَلَ عُمُدَهُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ، وَسَقَفَهُ بِالسَّاجِ".

يعني غيَّر، الجص؟

طالب:.....

الشيخ: مثله، مثله، أم ليس هو؟

ليس هو.

طالب: قريب.

الشيخ: يعني مثله، يفسر، ما يخالف، أقرب من غيره.

"مِنْ حِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ، وَسَقَفَهُ بِالسَّاجِ".

رَضِيَ الله عنهم وأرضاهم، الزيادة التي زادها عمر ثم عثمان يصلي فيها إلى وقت قريب الصفوف الأولى فيما أمام المحراب النبوي، كان يُصلى فيها إلى العام الماضي، ثم بعد ذلك تأخروا في الصلاة إلى محرابه -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- وتركوا الوسعة التي مضى عليها كم قرنًا؟ أربعة عشر قرنًا، تركوها وهي زيادة من خلفاء راشدين، أُمِرنا باتباعهم مع موافقة غيرهم من الصحابة، فالله المستعان.

نعم.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

قَوْلُهُ: "وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ" هُوَ الْخُدْرِيُّ، وَالْقَدْرُ الْمَذْكُورُ هُنَا طَرَفٌ".

الشيخ: قرأت قوله: باب، قرأت هذا؟

"قَوْلُهُ "بَابُ بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ أَيِ النَّبَوِيِّ.

قَوْلُهُ: "وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ" هُوَ الْخُدْرِيُّ، وَالْقَدْرُ الْمَذْكُورُ هُنَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثِهِ فِي ذِكْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَقَدْ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الِاعْتِكَافِ، وَغَيْرُه مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا فِي أَبْوَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ".

الشيخ:  "فِي الِاعْتِكَافِ، وَغَيْرِهِ" يعني في أبواب متعددة.

الطالب: نعم، أحسنت يا شيخ.

"وَقَدْ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الِاعْتِكَافِ وَغَيْرِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْهُ، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا فِي أَبْوَابِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ.

قَوْلُهُ: "وَأَمَرَ عُمَرُ" هُوَ طَرَفٌ مِنْ قِصَّةٍ فِي ذِكْرِ تَجْدِيدِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ. قَوْلُهُ: "وَقَالَ: أَكِنَّ النَّاسَ" وَقَعَ فِي رِوَايَتِنَا: "أُكِنُّ" بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْكَافِ، وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْمَضْمُومَةِ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ، مِنْ أَكَنَّ الرُّبَاعِيِّ يُقَالُ: أَكْنَنْتُ الشَّيْءَ إِكْنَانًا أَيْ: صُنْتُهُ وَسَتَرْتُهُ، وَحَكَى أَبُو زَيْدٍ كَنَنْتُهُ مِنَ الثُّلَاثِيِّ بِمَعْنَى أَكْنَنْتُهُ، وَفَرَّقَ الْكِسَائِيُّ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: كَنَنْتُهُ، أَيْ: سَتَرْتُهُ، وَأَكْنَنْتُهُ فِي نَفْسِي أَيْ: أَسْرَرْتُهُ.

وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ: أَكِنَّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ، فِعْلُ أَمْرٍ مِنَ الْإِكْنَانِ أَيْضًا، وَيُرَجِّحُهُ قَوْلُهُ قَبْلَهُ: "وَأَمَرَ عُمَرُ"، وَقَوْلُهُ بَعْدَهُ: "وَإِيَّاكَ"، وَتُوَجَّهُ الْأُولَى بِأَنَّهُ خَاطَبَ الْقَوْمَ بِمَا أَرَادَ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الصَّانِعِ فَقَالَ لَهُ وَإِيَّاكَ، أَوْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ وَإِيَّاكَ عَلَى التَّجْرِيدِ، كَأَنَّهُ خَاطَبَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ، قَالَ عِيَاضٌ: وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ الْأَصِيلِيِّ وَالْقَابِسِيِّ -أَيْ وَأَبِي ذَرٍّ-: كِنَّ النَّاسَ، بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْكَافِ، وَهُوَ صَحِيح أَيْضًا، وَجوز ابن مَالِكٍ ضَمَّ الْكَافِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ كُنَّ، فَهُوَ مَكْنُونٌ انْتَهَى، وَهُوَ مُتَّجَهٌ، لَكِنَّ الرِّوَايَةَ لَا تُسَاعِدُهُ.

قَوْلُهُ: "فَتَفْتِنَ النَّاسَ" بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ، من فتن، وَضَبطه ابن التِّينِ بِالضَّمِّ مِنْ أَفْتَنَ، وَذَكَرَ أَنَّ الْأَصْمَعِيَّ أَنْكَرَهُ، وَأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ أَجَازَهُ، فَقَالَ: فَتَنَ وأفتن بِمَعْنًى. قَالَ ابن بَطَّالٍ: كَأنَّ عُمَرُ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْ رَدِّ الشَّارِعِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْخَمِيصَةَ إِلَى أَبِي جَهْمٍ مِنْ أَجْلِ الْأَعْلَامِ الَّتِي فِيهَا وَقَالَ: إِنَّهَا أَلْهَتْنِي عَنْ صَلَاتِي.

 قُلْتُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ عُمَرَ مِنْ ذَلِكَ عِلْمٌ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَقَدْ روى ابن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «مَا سَاءَ عَمَلُ قَوْمٍ قَطُّ إِلَّا زَخْرَفُوا مَسَاجِدَهُمْ»، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا شَيْخَهُ جُبَارَةَ بْنَ الْمُغَلِّسِ، فَفِيهِ مَقَالٌ".

مقال شديد لأهل العلم، يقول أبو حاتم: جبارة بن المغلِّس بين يدي عدل، وهذا جرحٌ شديد، خلافًا لما فهمه العراقي من ضبطها بين يديَّ عدلٌ، فظنها تعديلًا، وهي في حقيقتها من ألفاظ التجريح الشديدة، وذكرنا هذا في دروسٍ متعددة، إن شئتم أن نُعيد؛ لأن الحافظ ابن حجر لما قرأ كلام شيخه العراقي توقف، لماذا؟ لأنه إذا عُرِضَ الرجل، واستعرضت أقوال أهل العلم فيه ما يتجه فهم العراقي؛ لأنه مضعَّف عند أهل العلم، فكيف يقول أبو حاتم وهو المتشدد في التعديل: بين يديَّ عدلٌ، فلا بد أن يكون لها معنًى آخر.

يقول: بحثت عن أصل هذه المسألة أو هذه الجملة، فوجدت في الأغاني للأصبهاني قصةً فيها القائد طاهر على مأدبةٍ فيها ابنٌ صغير للرشيد، فأخذ هُنْدُبَاء، قرعة أو كوسة أو شيء، فرمى بها عليه، فأصابت عينه السليمة، وكان القائد هذا أعور، والأخرى بين يديْ عدل، سليمة والأخرى بين يديْ عدل يعني هالكة، تالفة، فاتضح المعنى، وهذا من أي كتاب؟ الأغاني، يقول: فبحثت فوجدت في كتاب ابن قتيبة واسمه المعارف يقول: فوجدت العدل بن جَزْء بن سعد العشيرة، اسمه العدل، وكان على شُرطة تُبَّع، فإذا أراد تُبَّع أن يقتل أحدًا، سلَّمه لهذا العدل، قال الناس: بين يديْ عدل، يعني هالك مقتول، وهذا جُبارة بن المغلِّس الذي معنا، وقول ابن حجر فيه مقال لا يكفي؛ لأنه مُضعَّف تضعيفًا شديدًا.

طالب: ......

الشيخ: نعم، إطلاق الشارع على النبي -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فيه خلاف؛ لأنه في الحقيقة مُبَلِّغ، ولكن له أن يجتهد، وله أن يأتي بما ليس في القرآن بوحي من الله- جَلَّ وعلا-، وهو -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- لا ينطق عن الهوى.

"قَوْلُهُ: "وَقَالَ أَنَسٌ: يَتَبَاهَوْنَ بِهَا" بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ: يَتَفَاخَرُونَ، وَهَذَا التَّعْلِيقُ رَوَيْنَاهُ مَوْصُولًا فِي مُسْنَدِ أَبِي يعلى، وصحيح ابن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي قِلَابَةَ، أَنَّ أَنَسًا قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «يَأْتِي عَلَى أُمَّتِي زَمَانٌ يَتَبَاهَوْنَ بِالْمَسَاجِدِ، ثُمَّ لَا يَعْمُرُونَهَا إِلَّا قَلِيلًا»، وَأخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وابن حِبَّانَ مُخْتَصَرًا مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَس، عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَتَبَاهَى النَّاسُ فِي الْمَسَاجِدِ»، وَالطَّرِيقُ الْأُولَى أَلْيَقُ بِمُرَادِ الْبُخَارِيِّ، وَعِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ الْمَسَاجِد من الْوَجْه الَّذِي عِنْد ابن خُزَيْمَة: يتباهون بِكَثْرَةِ الْمَسَاجِدِ.

تَنْبِيهٌ:

قَوْلُهُ: "ثُمَّ لَا يَعْمُرُونَهَا" الْمُرَادُ بِهِ عِمَارَتُهَا بِالصَّلَاةِ وَذِكْرِ اللَّهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ بُنْيَانَهَا بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي تَرْجَمَة الْبَاب الَّذِي بعده".

لأن العمارة كما تطلق على الحسيَّة تطلق على المعنويَّة، {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ..}[التوبة:18]، {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ..} [التوبة:19]، يعني فقابل العمارة بالإيمان فدلَّ على أن المراد بها العمارة الحسيَّة لا المعنويَّة.

"قَوْله: "وَقَالَ ابن عَبَّاسٍ: لَتُزَخْرِفُنَّهَا" بِفَتْحِ اللَّامِ، وَهِيَ لَامُ الْقَسَمِ، وَضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الزَّايِ، وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ الرَّاءِ، وَضَمِّ الْفَاءِ، وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَهِيَ نُونُ التَّأْكِيدِ، وَالزَّخْرَفَةُ الزِّينَةُ، وَأَصْلُ الزُّخْرُفِ الذَّهَبُ ثُمَّ اسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ".

هو إذا اقترن المضارع بالنون، نون التوكيد الثقيلة فإنه يُبنى على الفتح، إذا كانت هذه النون مباشرة للفعل، أما إذا وجد فاصل فيرجع إلى أصله، يُضم، وهنا موجود فاصل، وهو أيش؟ واو الجماعة، واو الجماعة فاصل؛ لأنه خطاب لجماعة.

"وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله أَبُو دَاوُد وابن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنِ ابن عَبَّاسٍ هَكَذَا مَوْقُوفًا، وَقَبْلَهُ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ وَلَفْظُهُ: «مَا أُمِرْتُ بِتَشْيِيدِ الْمَسَاجِدِ»، وَظَنَّ الطِّيبِيُّ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ أَنَّهُمَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ، فَشَرَحَهُ عَلَى أَنَّ اللَّامَ فِي لَتُزَخْرِفُنَّهَا مَكْسُورَةٌ، وَهِيَ لَامُ التَّعْلِيلِ لِلْمَنْفِيِّ قَبْلَهُ، وَالْمَعْنَى: مَا أُمِرْتُ بِالتَّشْيِيدِ لِيُجْعَلَ ذَرِيعَةً إِلَى الزَّخْرَفَةِ، قَالَ: وَالنُّونُ فِيهِ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ، وَفِيهِ نَوْعُ تَوْبِيخٍ وَتَأْنِيبٍ، ثُمَّ قَالَ: وَيَجُوزُ فَتْحُ اللَّامِ عَلَى أَنَّهَا جَوَابُ الْقَسَمِ، قُلْتُ: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَالْأَوَّلُ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ الرِّوَايَةُ أَصْلًا، فَلَا يُغْتَرُّ بِهِ، وَكَلَام ابن عَبَّاسٍ فِيهِ مَفْصُولٌ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ الْمَرْفُوعَ مِنْهُ؛ لِلِاخْتِلَافِ عَلَى يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ.

قَالَ الْبَغَوِيُّ: التَّشْيِيدُ رَفْعُ الْبِنَاءِ وَتَطْوِيلُهُ، وَإِنَّمَا زَخْرَفَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مَعَابِدَهَا حِينَ حَرَّفُوا كُتُبَهُمْ وَبَدَّلُوهَا.

قَوْلُهُ": "حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ"، زَادَ الْأصيلِيّ ابن سَعْدٍ، وَرِوَايَةُ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ نَافِعٍ مِنْ رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ؛ لِأَنَّهُمَا مَدَنِيَّانِ ثِقَتَانِ تَابِعِيَّانِ من طبقَة وَاحِدَة، وَعبد الله هُوَ ابن عُمَرَ.

قَوْلُهُ: "بِاللَّبِنِ" بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، قَوْلُهُ: "وَعَمَدَهُ" بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ، وَيَجُوزُ ضَمُّهَمَا، وَكَذَا قَوْلُهُ: خَشَبٌ.

قَوْلُهُ: "وَزَادَ فِيهِ عُمَرُ وَبَنَاهُ عَلَى بُنْيَانِهِ" أَيْ بِجِنْسِ الْآلَاتِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَمْ يُغَيِّرْ شَيْئًا مِنْ هَيْئَتِهِ إِلَّا تَوْسِيعَهُ.

قَوْلُهُ: "ثُمَّ غَيَّرَهُ عُثْمَانُ" أَيْ: مِنَ الْوَجْهَيْنِ، التَّوْسِيعُ وَتَغْيِيرُ الْآلَاتِ، قَوْلُهُ: "بِالْحِجَارَةِ الْمَنْقُوشَةِ" أَيْ: بَدَلَ اللَّبِنِ وَلِلْحَمَوِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي بِحِجَارَةٍ مَنْقُوشَةٍ، قَوْلُهُ: "وَالْقَصَّةُ" بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَهِيَ الْجَصُّ، بِلُغَةِ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: تُشْبِهُ الْجَصَّ، وَلَيْسَتْ بِهِ.

قَوْلُهُ: "وَسَقَفَهُ" بِلَفْظِ الْمَاضِي عَطْفًا عَلَى جَعَلَ وَبِإِسْكَانِ الْقَافِ عَلَى عُمُدِهِ، وَالسَّاجُ نَوْعٌ مِنَ الْخَشَبِ مَعْرُوفٌ يُؤْتَى بِهِ من الْهِنْد.

وَقَالَ ابن بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِي بُنْيَانِ الْمَسْجِدِ الْقَصْدُ، وَتَرْكُ الْغُلُوِّ فِي تَحْسِينِهِ، فَقَدْ كَانَ عُمَرُ مَعَ كَثْرَةِ الْفُتُوحِ فِي أَيَّامِهِ، وَسَعَةِ الْمَالِ عِنْدَهُ لَمْ يُغَيِّرِ الْمَسْجِدَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا احْتَاجَ إِلَى تَجْدِيدِهِ؛ لِأَنَّ جَرِيدَ النَّخْلِ كَانَ قَدْ نَخِرَ فِي أَيَّامِهِ، ثُمَّ كَانَ عُثْمَانُ وَالْمَالُ فِي زَمَانه أَكثر فحسنه بِمَا لا يقتضي الزَّخْرَفَةَ، وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ قَلِيلٍ.

وَأَوَّلُ مَنْ زَخْرَفَ الْمَسَاجِدَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَسَكَتَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ إِنْكَارِ ذَلِكَ؛ خَوْفًا مِنَ الْفِتْنَةِ، وَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، إِذَا وَقع ذَلِك عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ لِلْمَسَاجِدِ، وَلَمْ يَقَعِ الصَّرْفُ على ذَلِك من بَيت المَال.

وَقَالَ ابن الْمُنِيرِ: لَمَّا شَيَّدَ النَّاسُ بُيُوتَهُمْ وَزَخْرَفُوهَا نَاسَبَ أَنْ يُصْنَعَ ذَلِكَ بِالْمَسَاجِدِ؛ صَوْنًا لَهَا عَنِ الِاسْتِهَانَةِ.

وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْمَنْعَ إِنْ كَانَ لِلْحَثِّ عَلَى اتِّبَاعِ السَّلَفِ فِي تَرْكِ الرَّفَاهِيَةِ، فَهُوَ كَمَا قَالَ، وَإِنْ كَانَ لِخَشْيَةِ شَغْلِ بَالِ الْمُصَلِّي بِالزَّخْرَفَةِ فَلَا؛ لِبَقَاءِ الْعِلَّةِ.

وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ؛ لِإِخْبَارِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَا سَيَقَعُ، فَوَقَعَ كَمَا قَالَ".

عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.