كتاب الوضوء (10)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

طالب:........

الوضوء مرتين مرتين، وينتهي الشرح.

ثلاثًا ثلاثًا ما قُرئ.

طالب:........

لا ما قُرئ ثلاثًا ثلاثًا.

طالب: قرأته يا شيخ وذكرنا الآية {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} [البقرة:159] وراجعناه، راجعنا طرف الحديث في كتاب العلم.

طالب:........

يعني الشرح أنا عندي العلامة على هذا الباب.

طالب: انتهينا من الباب.

طالب:.........

طالب: نقرأه يا شيخ الباب.

قرأته؟ 

طالب:.........

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محم،د وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،

فيقول الإمام البخاري –رحمه الله تعالى- "بَابُ: الوُضُوءُ ثَلاَثًا ثَلاَثًا" تقدمت فائدة التكرار للفظ ثلاثًا ثلاثًا في الباب السابق والذي قبله، مرةً مرة، ومرتين مرتين، ومعنى ذلك لكل عضو، لكن لو قال: باب الوضوء ثلاثًا أو باب الوضوء مرة أو باب الوضوء مرتين لاتجه العدد إلى الوضوء بكامله أنه ما توضأ إلا ثلاث مرات، ثلاث مرات في اليوم أو في كم؟ لكن مرةً مرة يعني كل عضو مرة، مرتين مرتين لكل عضو، ثلاثًا ثلاثًا لكل عضو، وهكذا.

وهذا الإجمال الذي في هذه الترجمة يدخل فيه المسح مسح الرأس إلا أن الحديث الذي أورده الإمام البخاري بيَّن المراد "ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ" ما قال: ثلاثًا كما قال في غيره، والمسألة فيها كلامٌ لأهل العلم سيأتي في الشرح، إن شاء الله تعالى.

قال –رحمه الله-: "حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأُوَيْسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ" محمد بن مسلم بن شهاب الزهري.

"أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ، أَخْبَرَهُ أَنَّ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ" من خيار التابعين، ومن سبي عين التمر.

"أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، رَأَى عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ" الخليفة الراشد- رضي لله عنه-.

"دَعَا بِإِنَاءٍ" يعني فيه ماء.

"فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ، فَغَسَلَهُمَا" غسل الكفين ثلاثًا سُنَّة إلا بالنسبة للقائم من نوم الليل، على ما سيأتي الكلام فيه فإنه واجب.

"فَغَسَلَهُمَا، "ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الإِنَاءِ" يعني فاغترف بها.

"فَمَضْمَضَ، وَاسْتَنْشَقَ" من كفٍ واحدة، يفعل ذلك ثلاث مرات.

"ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا" غسل وجهه وما تحصل به المواجهة واستوعب الوجه ثلاث مراتٍ بالغسل.

"وَيَدَيْهِ" يعني ثم غسل يديه.

"إِلَى المِرْفَقَيْنِ ثَلاَثَ مِرَارٍ" من أطراف الأصابع إلى نهاية المرفق، يعني يدخل المرفق في المغسول.

"ثَلاَثَ مِرَارٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ" يعني مرةً واحدة، وهذا هو المناسب للمسح؛ لأنه لو أريد تكرار المسح لوجِّه بالغسل.

"ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاَثَ مِرَارٍ إِلَى الكَعْبَيْنِ" على هذا الترتيب العطف بـ(ثم) وأيضًا كما يقول أهل العلم: إدخال الممسوح بين المغسولات، وقطع النظير عن نظائره يدل على قصد الترتيب، ولا شك أن الترتيب بهذه الكيفية، كما جاء في القرآن، هو النبي –عليه الصلاة والسلام- لم يُخل بهذا الترتيب ولا مرة واحدة لبيان الجواز، فدل على أنه واجب.  

"ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا»"، «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ»؛ لأنه لا يُمكن أن يتوضأ أحد مثل وضوئه قد يكون مثله في الصورة، لكن مثله بالمطابقة قد تتعذر المطابقة لاسيما وأن فيه أفعالًا مرئية يمكن الاقتداء بها، ونية وقصد يصعب أن يُوجد مثلها كما عند النبي –عليه الصلاة والسلام- ولذلك قال: «نَحْوَ» ولم يقل: مثل «وُضُوئِي هَذَا».

«ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ» أن هذا الأمر يسير على من يسره الله عليه إلا أنه في حق كثيرٍ من الناس، ومن ذلكم بعض من ينتسب إلى العلم وإلى طلبه «لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ» فيه صعوبة على كثير من الناس، كثير من المسلمين من عوامهم وخواصهم إذا دخل في الصلاة مع أنه يستشعر مثل هذا الحديث، والمسألة لا تعدو دقيقتين أو ثلاثًا، ولا يستطيع كثيرٌ من الناس أن يضبط أمره، بل تتفلت عليه نيته وقلبه، وإلا فالأمر يسير على من يسره الله عليه.

«ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» مَن منا لا يُريد ذلك؟

 كلنا نُريد المغفرة، لماذا نتعب في هذه التكاليف ونحن لا نريد ولا نقصد المغفرة من الله- جلَّ وعلا- لذنوبنا، ولكنه الشيطان، والانسياق وراء الشيطان الذي حذرنا الله منه، ووصفه بأنه عدو، وأمرنا باتخاذه عدو، ومع ذلك يلعب بقلوبنا وقلوب كثير من المسلمين، وننساق وراءه، وبعض الناس من شدة حرصه على الخير مع الجهل تجده ينساق وراء الشيطان إلى حدٍّ تبطل به عباداته، من شدة حرصه على الخير هذا الوسواس الباعث عليه الحرص على إبراء الذمة، لكن مع الجهل، فالشيطان –أعاذنا الله من شره- ينظر في ابن آدم في المسلم إذا كان بإمكانه أن يسحبه إلى الوراء، ويُخرجه من دائرة الدين أو التدين فعل، إن لم يستطع كان عند هذا الحرص دفعه إلى الأمام فلبَّس عليه، وزاد في العبادات، وأدخل عليها ما يُبطلها.

بعض الناس يزيد في غسل أعضاء الوضوء من باب الاحتياط، وإن كان من أهل العلم كابن دقيق العيد، والحافظ العراقي، وبعض شيوخنا الذين تركناهم ممن يُقتدى بهم يزيد، يقول: هذا من باب الاحتياط، وليس من باب الزيادة على القدر المطلوب، إنما هو من باب الاحتياط، وأعرف من شيوخنا أعمى رأيته يغسل يديه عشر مرات أو أكثر، قلت له: يا شيخ أنت قدوة، قال: أنا أعمى، ولا أدري هل أسبغت أو ما أسبغت، والله المستعان.

على كل حال قالوا: إن هذا من باب الاحتياط، شيخ الإسلام –رحمه الله- يقول: إذا أدى الاحتياط إلى ترك مأمور أو فعل محظور فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط، هذا هو الاحتياط.

إذا شككت هل غسلت العضو مرتين أو ثلاثًا يعني الصلاة تبني على الأقل؛ لأنه إذا كانت حقيقة الأمر هي الأقل بطلت صلاته، وإذا كانت حقيقة الأمر مطابقة للواقع صليت ثلاثًا، وزدت رابعة والصلاة ثلاثية أو رباعية أربعة وزدت خامسة للشك، وسجدت للسهو انتهى مفعول الزيادة، لكن النقص في الصلاة لا يمكن جبره بسجود السهو؛ لأن النسيان القاعدة فيه النسيان يُنزِّل الموجود منزلة المعدوم، ولا يُنزِّل المعدوم منزلة الموجود، وعندنا في الوضوء إذا شككت هل غسلت يديك ثنتين ولا ثلاثًا، أنت متردد بين أمرين لو جعلتهما ثنتين وزدت ثالثة، وهي في الحقيقة رابعة، أنت تجاوزت السُّنَّة إلى البدعة، لكن لو كان في حقيقة الأمر ثنتين ولا زدت أنت في إطار السُّنَّة، فالنبي –عليه الصلاة والسلام- توضأ مرتين ما نزلت عن السُّنَّة، فمثل هذا الاحتياط وفي غير الاحتياط في مسألة الصلاة، وغيرها مما يُقعَّد له بأن الشك لا يزيل اليقين، ويُبنى فيه على الأقل، لكن في مثل هذا الذي التردد فيه بين سُنتين فاضلة أو مفضولة أمره سهل، لكن إذا كان التردد بين سُنَّة وبدعة لا شك أنه متعين فعل السُّنَّة.

"قوله: "باب الوضوء ثلاثًا ثلاثًا" أي: لكل عضوٍ.

قوله: "عطاء بن يزيد" هو الليثي المدني، والإسناد كله مدنيون، وفيه ثلاثةٌ من التابعين: حمران وهو بضم المهمله ابن أبان" مصروف أم ممنوع؟

طالب:...........

أبان أبان.

طالب:...........

وما الذي منعه من الصرف؟

طالب:...........

هو من الإبانة ولا من الإباء.

طالب:..........

أبيَن، يقولون: لا بُد أن نواجه الذي قالوا: ممنوع، يقولون: من منع أبان فهو أتاه، مع أن ابن مالك صاحب الألفية يمنعه، لكن الأكثر على عدم منعه من الصرف.

طالب:..........

اسألهم.

طالب:..........

لأن النون أصلية، مثل حسان، ومثل....

طالب:.........

المقصود أن النون أصلية فهو مصروف.   

"وعطاء، وابن شهاب" هؤلاء ثلاثة من التابعين، ويُوجد بكثرة ثلاثة من التابعين، وأربعة، وخمسة قليل، وستة نادر لا يوجد إلا في إسنادٍ واحد.

"وفي الإسناد الذي يليه أربعةٌ من التابعين: حمران، وعروة وهما قرينان، وابن شهابٍ وصالح بن كيسان وهما قرينان أيضًا" صالح وابن شهاب، الآن صالح بن كيسان يروي عن ابن شهاب، يقول: "هما قرينان" صالح أكبر من ابن كيسان في السن، لكنهما قرينان في الطبقة، اشتركا في الرواية عن كثيرٍ من الرواة، ومع ذلكم صالح يروي عن ابن شهاب؛ لأنه تأخر في الطلب.

"قوله: "دعا بإناءٍ" وفي رواية شعيب الآتية قريبًا "دعا بوضوءٍ"، وكذا لمسلم من طريق يونس" ولا فرق بين الروايتين؛ لأن المقصود بالإناء الذي فيه ماء، والمقصود بالوَضوء الماء الذي في الإناء.

"وكذا لمسلم من طريق يونس وهو بفتح الواو اسم للماء المعد للوضوء، وبالضم الذي هو الفعل" التوضؤ.

"وفيه الاستعانة على إحضار ما يتوضأ به" ولا مانع من إعانة المتوضئ بإحضار الماء؛ حتى إعانته فيما هو ألصق بالعبادة من ذلك من غسل أعضائه، وإن كان الأولى أن يتولى المسلم العبادة بنفسه، وتباح معونته وتنشيف أعضائه لا مانع من ذلك.

"قوله: "فأفرغ" أي: صب.

قوله: "على كفيه ثلاث مرار" كذا لأبي ذر وأبي الوقت، وللأصيلي وكريمة مرات بمثناة آخره، وفيه غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، ولو لم يكن عقب نومٍ احتياطًا" لكنه في هذه الصورة مُستحب، وبعد القيام من نوم الليل واجب للأمر به.

"قوله: "ثم أدخل يمينه" فيه الاغتراف باليمين، واستدل به بعضهم على عدم اشتراط نية الاغتراف، ولا دلالة له فيه نفيًا ولا إثباتًا"؛ لأنه لم يتعرض لها، وحديث «إِنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» هو لمجرد التوجه إلى الوضوء، هذه نية الوضوء كما أن التوجه إلى الصف والمثول أمام الإمام هي نية الصلاة.

طالب:........

جهر؟

"واستدل به بعضهم على عدم اشتراط نية الاغتراف" طيب ونية غسل اليدين ونية غسل الوجه فيه جهر؟

طالب:........

إذًا لا تشترط النية كلها مما يصح.

"قوله "فمضمض واستنثر" وللكشميهني "واستنشق" بدل واستنثر والأول أعم"؛ لأن استنثر تدل على الاستنشاق ما فيه استنثار إلا بعد الاستنشاق، لكن هل فيه استنشاق بدون استنثار؟ يسعطه ولا يُخرجه؟

"والأول أعم، وثبتت الثلاثة في رواية شعيبٍ الآتية في باب المضمضة" فمضمض واستنشق واستنثر.

"ولم أر في شيءٍ من طرق هذا الحديث تقييد ذلك بعدد، نعم ذكره ابن المنذر من طريق يونس عن الزهري، وكذا ذكره أبو داود من وجهين آخرين عن عثمان، واتفقت الروايات على تقديم المضمضة".

 يعني على الاستنشاق، وجاء التنصيص على أنها من كفٍ واحد ثلاث مرات من كفٍ واحدة، والصور المحتملة في هذا أن يكون من كفٍّ واحدة، وأن يكون من كفين، من كفٍّ واحدة ثلاث مرات، ويكون من كفين ثلاثًا ثلاثًا، للمضمضة كف واحدة ثلاث مرات، والاستنشاق كف واحدة ثلاث مرات، وأيضًا يحتمل أيضًا أن يكون بستة أكف، ويحتمل أن تكون ثلاثًا ثلاثًا بكفٍّ واحدة كلهم، لكن نحتاج إلى يد كبيرة شوية، هذه صور محتملة، ولكن أولاها أن يكون يتمضمض ويستنشق ثلاثًا بثلاثة أكف كل مرة للمضمضة والاستنشاق بكفٍّ واحدة كما جاء مصرَّحًا به.

"قوله: "ثم غسل وجهه" فيه تأخيره عن المضمضة" لأن العطف بــــ(ثم) يقتضي التأخير، وفيه تأخيره عن المضمضة والاستنشاق، لكن تأخير نسبي بحيث لا يُترك حتى ينشف العضو الذي قبله أو تأخير يُخل بالترتيب بالتعقيب، والرابط عندهم في المولاة ألا يترك العضو حتى ينشف الذي قبله في الجو المعتدل.

"وقد ذكروا أن حكمة ذلك اعتبار أوصاف الماء" يتمضمض ويستنشق، ثم يتأخر في غسل الوجه؛ ليتبين بالمضمضة هل تغير الطعم، وبالاستنشاق هل تغيرت الرائحة، واللون يُدرك بالبصر. 

"وقد ذكروا أن حكمة ذلك اعتبار أوصاف الماء؛ لأن اللون يُدرك بالبصر، والطعم يُدرك بالفم، والريح يُدرك بالأنف؛ فقُدمت المضمضة والاستنشاق وهما مسنونان قبل الوجه، وهو مفروض احتياطًا للعبادة، وسيأتي ذكر حكمة الاستنثار في الباب الذي يليه.

قوله: "ويديه إلى المرفقين" أي: كل واحدةٍ كما بينه المصنف في رواية معمر عن الزهري في الصوم، وكذا لمسلم من طريق يونس، وفيها تقديم اليمنى على اليسرى، والتعبير في كل منهما بـ(ثم) وكذا القول في الرجلين أيضًا" يعني ثم غسل يده اليمنى، ثم غسل يده اليسرى كذلك، وكذلك الرجلين.

"قوله: "ثم مسح برأسه" هو بحذف الباء في الروايتين المذكورتين" يعني رواية معمر عن الزهري، ورواية مسلم من طريق يونس في هاتين الروايتين المذكورتين بحذف الباء.

"وليس في شيء من طرقه في الصحيحين ذكر عدد المسح" يعني: مسح الرأس.

"وبه قال أكثر العلماء، وقال الشافعي: يُستحب التثليث في المسح كما في الغسل"؛ لأن النبي– عليه الصلاة والسلام- توضأ ثلاثًا ثلاثًا، فيدخل في ذلك المس،ح لكنه حديثٌ مُجمل بُيِّن بالأحاديث المبينة.

"وقال الشافعي: يُستحب التثليث في المسح كما في الغسل، واستُدل له بظاهر رواية مسلم أن النبي –عليه الصلاة والسلام- توضأ ثلاثًا ثلاثًا، وأجيب بأنه مُجملٌ تبين في الروايات الصحيحة أن المسح لم يتكرر، فيُحمل على الغالب أو يختص بالمغسول، قال أبو داود في السُّنن: أحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرةً واحدة، وكذا قال ابن المنذر: إن الثابت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسح مرةً واحدة، وبأن المسح مبنيٌ على التخفيف، فلا يُقاس على الغسل المراد منه المبالغة في الإسباغ، وبأن العدد لو اعتبر في المسح لصار في صورة الغسل، إذ حقيقة الغسل جريان الماء".

 يعني الموضع الذي يُمسح ثلاث مرات قد يكون مغسولًا، مع أنه يُوجد من يُنازع في إجزاء المسح.

"والدلك ليس بمشترطٍ على الصحيح عند أكثر العلماء" هو عند مالك مشترط؛ لأنه سمى الغسل في الدلك، والجمهور ليس بمسمى الغسل بدليل أنه في العربية يُقال: غسله العرق، وغسله المطر بدون دلك.

"وبالغ أبو عبيد فقال: لا نعلم أحدًا من السلف استحب تثليث مسح الرأس إلا إبراهيم التيمي، وفيما قاله نظر، فقد نقله ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أنسٍ وعطاء وغيرهما، وقد روى أبو داود من وجهين صحح أحدهما ابن خزيمة وغيره في حديث عثمان بتثليث مسح الرأس والزيادة من الثقة مقبولة".

طالب:...........

بثلثي مُد يعني أقل من ....

طالب:..........

لا بُد من أن يدلك ليصل الماء إلى البشرة، وإلا سوف ينبو عنها في هذه الصورة ما يجري.

طالب:..........

جدًّا.

قال: "والزيادة من الثقة مقبولة" علَّق الشيخ/ ابن باز -رحمه الله- قال: لكنها روايةٌ شاذة فلا يُعتمد عليها كما تقدم في كلام أبي داود.

طالب:.........

الغسل يعني المسح مبنيٌّ على التخفيف، مسح الرأس مبني على التخفيف، لو لم يكن مبنيًّا على التخفيف لما أجزأ فيه مسح، ولا لزم فيه الغسل كسائر الأعضاء، فلا يُقاس على الغسل المراد منه المبالغة في الغَسل أو الغُسل؟

طالب:.........

أبو عبيد القاسم بن سلام.

فلا يُقاس على الغَسل أو الغُسل؟

طالب:...........

الغُسل أفاض على رأسه الماء ثلاثًا؛ حتى يُروي أصول الشعر، الغُسل لا بُد فيه من إسباغ، يعني هذا الغُسل، وأيضًا المسح هذا لا يُقاس على الغَسل في الأعضاء المغسولة سواءً قلنا: الغَسل أو الغُسل، المقصود أنه في الغُسل يُفيض على رأسه الماء ثلاثًا، فلا يُقال: إن الوضوء يُفاض عليه الماء ثلاثًا.   

"قوله: «نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا» قال النووي: إنما لم يقل: مثل؛ لأن حقيقة مماثلته لا يقدر عليها غيره.

 قلت: لكن ثبت التعبير بها في رواية المصنف في الرقاق من حديث معاذ بن عبد الرحمن، عن حمران، عن عثمان ولفظه: «مَنْ تَوَضاً مثل هَذَا الوضوء»، وله في الصيام من رواية معمر: «مَن توضَّأ وُضوئِي هَذَا»، ولمسلم من طريق زيد بن أسلم عن حمران: «توضَّأ مثل وُضوئِي هَذَا»، وعلى هذا فالتعبير بنحو من تصرف الرواة ؛ لأنها تطلق على المثلية مجازًا".

معلومٌ أن الفرق بين مثل ونحو، مثل: تقتضي المطابقة والمماثلة، أما نحو: فالمشابهة قريب منه، مثلما يُقال: روى الحديث بمثله أو يُقال: بنحوه، إذا قيل: بمثله فهو بحروفه وألفاظه، وإذا قيل: بنحوه فهو بمعناه.

"ولأن مثل وإن كانت تقتضي المساواة ظاهرًا، لكنها تطلق على الغالب فبهذا تلتئم الروايتان، ويكون المتروك بحيث لا يُخل بالمقصود، والله تعالى أعلم" يعني الفرق اليسير بين وضوئه –عليه الصلاة والسلام- ووضوء من يأتسي به، ويقلده إذا كان الأمر يسيرًا، مما يحتمله لفظ (نحو) دخل في الحديث.

"قوله: "ثم صلى ركعتين" فيه استحباب صلاة ركعتين عقب الوضوء، ويأتي فيهما ما يأتي في تحية المسجد".

 صلى ركعتين تُسمى عند أهل العلم ركعتي الوضوء، وشرعيتهما هل هي بهذا الحديث أو بحديث بلال الذي مدحه النبي –عليه الصلاة والسلام- به؟ ما توضأت وضوءًا إلا صليت ركعتين، هذا ما فيه ما يدل على الاستمرار هذا يدل على الفعل، وهل ثبت عنه –عليه الصلاة والسلام- أنه ما توضأ إلا صلى ركعتين؟

فالذي يظهر أن الدليل هو حديث بلال، النبي –عليه الصلاة والسلام- مدح بلال؛ لأنه سمع خشف نعاله في الجنة، وسأله قال: ما توضأ إلا صليت ركعتين، فهل يثبت بمثل هذا يعني بإقراره –عليه الصلاة والسلام- ومدح فعله سُنيه مع أنه ما ثبت عنه أنه فعل ذلك –عليه الصلاة والسلام- ما حُفِظ عنه إنما بإقراره؟

لنصل بذلك إلى مسألةٍ أخرى، وهي مسألة من يقرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] في كل ركعة، وأقره النبي –عليه الصلاة والسلام- ومدحه، هل السُّنَّة هنا مساوية للسُنَّة هناك؛ لأنهم فرقوا بينهم أن هذا يدل على السُّنية، وذاك يدل على إباحة الفعل أو قالوا: فضيلة، وليست بسُنَّة؟

من لزم سورة الإخلاص في كل ركعة من صلاته بعد السورة التي تُقرأ بعد الفاتحة من حديث هذا الرجل الذي أحب سورة الإخلاص، وصار يقرأها في كل ركعة، فقال: «حُبَّكَ إِيَّاهَا أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ» يعني هل السُّنَّة مساوية لتلك السُّنَّة؟

طالب:...........

توضأ، باستمرار؟ هذا يدل على الاستمرار الحديث؟

طالب:..........

ما يدل على الاستمرار، حديث بلال يدل على الاستمرار، وحديث صاحب سورة الإخلاص يدل على الاستمرار، وأقره النبي –عليه الصلاة والسلام- ومدحه وأثنى عليه، ورتب على فعله أجرًا، وفعل بلال معروف.

طالب:.........

والصلاة أيضًا هل أجرها بمجرد تعقيبها للوضوء أو يثبت بغيره؟

فهمتم المسألة أم غير فاهمين؟

طالب:........

والتنظير قريب أم ليس بقريب؟

طالب:........

أسألكم أنا.

طالب:.........

أيهم؟

طالب:.........

نعم كل فعل يدخل في هذا الحديث ولو فعله مرة دخل في هذا الحديث، لا يعني الاستمرار ما يؤخذ من هذا استحباب ركعتي الوضوء بإطلاق.

طالب:.........

نعم، لكن أقرهما الرسول على شكواهم؟ ما أقرهم مدحه مثلما مدح بلال.

تأملوا هذا.

طالب:.........

يدل على الاستمرار؟ 

طالب:........

ما يخالف لو فعله مرة.

طالب:..........

الآن مدح بلال في فعل ومدح الرجل في فعل لا أكثر ولا أقل.

طالب:........

أنا أريد فرق بين القضيتين والعلماء فرَّقوا، لكن ما وجه الفرق؟

طالب:........

هذا ما يدل على شيء هذا مثل «من قرأ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] عشْرَ مَرَّاتٍ؛ بَنَى اللهُ له قصرًا في الجَنَّةِ» ما فيه غيره.

طالب:..........

لكن هل تنفك الجهة بالمحبة والقراءة؟

طالب:..........

تحتاج إلى مزيد تأمل.

طالب:..........

ماذا؟

طالب:..........

هو ما وجَّه تخصيصه للرجل بهذا الكلام قال: «حُبَّكُم إِيَّاهَا أَدْخَلَكُم الْجَنَّةَ» كلهم يُحبونها، نحتاج إلى مزيد تأمل.

طالب:..........

لا، إن هذا شرعيته بالقول، لكن هذا شرعيته بالإقرار.

طالب:.........

كلما أردت أن تحوز على هذا الأجر صيره.

"قوله: «لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ» المراد به ما تسترسل النفس معه، ويمكن المرء قطعه؛ لأن قوله: «يُحَدِّثُ» يقتضي تكسبًا منه" يُحدِّث لا يُحدِّث.

"قوله: «يُحَدِّثُ» يقتضي تكسبًا منه" يعني قصد.

"فأما ما يهجم من الخطرات والوساوس، ويتعذر دفعه فذلك معفوٌ عنه" يعني في بدايته لا يسترسل معه، إذا هجم عليه، ثم أعرض عنه والتفت إلى صلاته هذا معفوٌ عنه، لكن إذا استرسل معروف.

"ونقل القاضي عياض عن بعضهم أن المراد من لم يحصل له حديث النفس أصلاً ورأسًا، ويشهد له ما أخرجه ابن المبارك في (الزهد) بلفظ لم يُسِر فيهما" ما معنى لم يُسِر؟

طالب:.........

كيف السِّر أصلاً؟

"وردَّه النووي فقال: الصواب حصول هذه الفضيلة مع طريان الخواطر العارضة غير المستقرة، نعم من اتفق أن يحصل له عدم حديث النفس أصلاً أعلى درجةً بلا ريب".

 وهذا ما يتم إلا بعد مجاهدةٍ طويلة وسابقة، وهو يؤجر على عدم الطريان بسبب المجاهدة، ونظير ذلك من يأتي إلى العبادة متشوفٌ إليها ومتشوقٌ لها، ومن يأتي إليها مع المجاهدة، أيهما أفضل؟

طالب:.........

أفضل من المجاهدة، إذا قلنا: إن المجاهد له أجران نظير من يقرأ القرآن، ويتتعتع فيه له أجران، والذي يُجيد القراءة يُتقنها مع السفرة الكرام البررة، وقال النبي –عليه الصلاة والسلام- لفلان: «أَصَبْتَ السُّنَّةَ» وقال له: «لَكَ الْأَجْرُ مَرَّتَيْنِ» فالتعب في العبادة يُضاعف فيه الأجر، لكنه ما هو بمثل من يأتي إليها، كما أُثِر عنه –عليه الصلاة والسلام- أن يرتاح بصلاته «أَرِحْنا يا بِلالْ بالصلاة»؛ لأنه ما حصل له هذا إلا بعد جهادٍ طويل، مثل من يُكابد قيام الليل، ومثل من يُكابد طلب العلم والتعليم، ومثل الجهاد وغيره، والله المستعان.

طالب:.........

يعني هل من مُسمى المضمضة المَج أو أنه مجرد تحريك الماء في الفم ولو ابتلعه؟ اللغويون اختلفوا منهم من يُدخله في حد المضمضة والمَج إخراجه من الفم، وبعضهم يقتصر على إدخال الماء في الفم وتحريكه باللسان والشدقين. 

"ثم إن تلك الخواطر منها ما يتعلق بالدنيا والمراد دفعه مطلقًا" ومنها ما يتعلق بالآخرة كما كان عمر –رضي الله عنه- يُجهز الجيوش وهو في الصلاة، فهذا تشريك عبادة بعبادة، يختلف عن تشريك عبادة بدنيا أو بعضهم بحرام -نسأل الله العافية- خواطر يُخطط فيها لمحرم هذا –نسأل الله العافية- خطر على صلاته؛ لأنه يتعبد بما حرَّمه الله عليه، لكن إذا شرَّك عبادة بعبادة، ولو أن شخصًا صلى ليالي عشر رمضان في صلاة التهجد في الدور الثاني في الحرم، وهو مطلٌّ على المسجد بالجموع التي فيه، ورأى هذه الجموع والإمام يقرأ بعضهم يبكي من قراءة الإمام، يعني مع الإمام متابع، ويعضهم يبكي من نظر هذه الجموع، ويستشعر الحشر يوم القيامة وموج الناس يعني هذا شرَّك عبادة بعبادة، لكنه على خير، والله المستعان.    

"ووقع في رواية للحكيم الترمذي في هذا الحديث «لاَ يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِن الدُّنْيا» وهي في (الزهد) لابن المبارك أيضًا (والمصنف) لابن أبي شيبة ومنها ما يتعلق بالآخرة، فإن كان أجنبيًّا أشبه أحوال الدنيا" أجنبيًّا عن الصلاة، وهو متعلق بالآخرة، ومنه صنيع عمر –رضي الله عنه- أشبه أحوال الدنيا.

"وإن كان من متعلقات تلك الصلاة فلا، وسيأتي بقية مباحث ذلك في كتاب الصلاة، إن شاء الله تعالى.

قوله: «مِنْ ذَنْبِهِ»" الذنب مفرد مضاف، فيُفيد العموم «ذَنْبِهِ» يعني جميع ذنوبه، إذا قلت: اللهم اغفر لي ذنبي، تقصد ذنبًا واحدًا أم جميع الذنوب؟ لا شك أن المقصود جميع الذنوب، والمفرد المضاف عند أهل العلم يُفيد العموم.

"«مِنْ ذَنْبِهِ» ظاهره يعم الكبائر والصغائر؛ لوروده مقيدًا باستثناء الكبائر في غير هذه الرواية" «غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

 يعني كبائرها وصغائرها أو أن الكبائر لا تُغفر إلا بالتوبة؟ «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ وَالْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُا مَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ» وفي بعض الروايات «مَا لَمْ تُغْشَ كَبِيرَةً».

طالب:.......

الحج الخلاف لا شك أنه موجود، ولكن الحديث عند ابن ماجه مضعَّف عند أهل العلم؛ لأن النبي –عليه الصلاة والسلام- سأل في عشية عرفة المغفرة لعموم الحجاج، حتى في حقوق الخلق، فلم يُجاب، ثم أُجيب ليلة الجمع، لكن الحديث فيه كلام لأهل العلم.

طالب:.......

معروف نعم في عموم المغفرة للحاج (قوة الحِجاج في عموم المغفرة للحاج).  

 قال: "ظاهره يعم الكبائر والصغائر؛ لوروده مقيدًا باستثناء الكبائر في غير هذه الرواية".

طالب:.......

يمكن سقط عندي.

طالب:........

عندي لا، مائتين وستين "والصغائر؛ لوروده".

طالب:.........

"لكن العلماء" موجود في الخطأ والصواب "خصوه بالصغائر؛ لوروده مقيدًا باستثناء الكبائر في غير هذه الرواية، وهو في حق من له كبائر وصغائر، فمن ليس له إلا صغائر كُفِّرت عنه، ومن ليس له إلا كبائر خُفف عنه منها بمقدار ما لصاحب الصغائر، ومن ليس له صغائر ولا كبائر" هذا بعيد، الأصل من ارتكب الكبائر عنده صغائر قطعًا.

طالب:........

هذه قسمة يعني تتميم القسمة.

"ومن ليس له إلا كبائر خُفف عنه منها بمقدار ما لصاحب الصغائر، ومن ليس له صغائر ولا كبائر يُزداد في حسناته بنظير ذلك، وفي الحديث التعليم بالفعل؛ لكونه أبلغ وأضبط للمتعلم، والترتيب في أعضاء الوضوء للإتيان في جميعها بـــ(ثم) والترغيب في الإخلاص، وتحذير من لهى في صلاته بالتفكير في أمور الدنيا من عدم القبول ولاسيما إن كان في العزم على عمل معصية، فإنه يحضر المرء في حال صلاته ما هو مشغوفٌ به أكثر من خارجها".

 هذا واقع، تجد كل إنسان ومهنته في هذه الصلاة صاحب السيارات يُقلِّب قلبه بين المعارض، وصاحب الكتب مثل، وصاحب الإبل كذلك، وصاحب المعاصي والجرائم كذلك –نسأل الله العافية- وصاحب الطرائف والنكت كذلك، قد تجد من يضحك، وهو ساجد في ليلةٍ يُرجى فيها أن تكون ليلة القدر؛ لأنه تذكر نكتة، ولا تهجم عليه ولا يتذكرها إلا في مثل هذا الموضع؛ لأنه أضاع عمره في هذا.

"ووقع في رواية المصنف في (الرَّقاق) في آخر هذا الحديث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لَا تَغْتَرُّوا»يعني هذا الوعد الوارد في هذا الحديث بأمثاله ونظائره يعني كون الإنسان يفرح بمثله، ويحرص على تطبيقه، لكن لا يغتر؛ لأنه كما أن للقبول أسبابًا أيضًا هناك موانع.

"أي فتستكثروا من الأعمال السيئة بناءً على أن الصلاة تكفرها، فإن الصلاة التي تُكفَّر بها الخطايا هي التي يقبلها الله، وأنى للعبد بالاطلاع على ذلك" فالقبول إنما يكون للمتقين {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27]، والذي يستكثر من المعاصي والجرائم لا يدخل في حد المتقين، فيُخشى عليه من رد أعماله.

"وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ، قَالَ: ابْنُ شِهَابٍ، وَلَكِنْ عُرْوَةُ، يُحَدِّثُ عَنْ حُمْرَانَ، فَلَمَّا تَوَضَّأَ عُثْمَانُ قَالَ: أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا لَوْلاَ آيَةٌ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لاَ يَتَوَضَّأُ رَجُلٌ يُحْسِنُ وُضُوءَهُ، وَيُصَلِّي الصَّلاَةَ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلاَةِ حَتَّى يُصَلِّيَهَا» قَالَ عُرْوَةُ: الآيَةَ {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ} [البقرة: 159]". 

يعني هذا في حديث عثمان، وتقدم في حديث أبي هريرة.

"قوله: "وعن إبراهيم" أي: ابن سعد وهو معطوفٌ على قوله: "حدثني إبراهيم بن سعد" وزعم مغلطاي وغيره أنه معلق وليس كذلك" يعني بالسند السابق.

"فقد أخرجه مسلم والإسماعيلي من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعدٍ عن أبيه بالإسنادين معًا، وإذا كانا جميعًا عند يعقوب فلا مانع أن يكونا عند الأويسي، ثم وجدت الحديث الثاني عند أبي عوانة في صحيحه من حديث الأويسي المذكور، فصح ما قلته -بحمد الله تعالى- وقد أوضحت ذلك في (تغليق التعليق)".

طالب:.........

سابقًا نعم، وذكرنا في وقتها أن هذه القاعدة ليست كلية، وخرج عنها أمثلة ذكرناها بوقتها.

طالب:.........

وحيث يُريد التعليق يأتي بحرف العطف.

طالب:.........

صفحة ثلاثين أو ستة عشر تكلم فيه الكلام على هذا.

طالب:........

قالت عائشة: نعم. 

"قوله: "ولكن عروة يُحدِّث" يعني أن شيخي ابن شهاب اختلفا في روايتهما له عن حمران، عن عثمان، فحدثه به عطاءٌ على صفة، وعروة على صفة، وليس ذلك اختلافًا وإنما هما حديثان متغايران، وقد رواهما معاذ بن عبد الرحمن، فأخرج البخاري من طريقه نحو سياق عطاء، ومسلم من طريقه نحو سياق عروة، وأخرجه أيضًا من طريق هشام بن عروة عن أبيه.

قوله: "لولا آيةٌ" زاد مسلم "في كتاب الله"، ولأجل هذه الزيادة صحَّف بعض رواته آية فجعلها أنه بالنون المشددة، وبهاء الشأن". يعني ضمير الشأن مثل ما جاء «آيَةُ الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ» صحَّفه العسكري أو العكبري؟ «إنه الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ» مثل هذا «إنه الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ» الذي صحَّفه العكبري.

"قوله: "ويصلي الصلاة" أي: المكتوبة وفي رواية لمسلم: "فيصلي هذه الصلوات الخمس"

قوله: "وبين الصلاة" أي: التي تليها، كما صرح به مسلم في رواية هشام بن عروة.

قوله: "حتى يصليها" أي: يشرع في الصلاة الثانية".

"حتى يصليها" يشرع فيها ولا يفرغ منها؟

طالب:.........

يفرغ منها ولا يشرع فيها، المغفرة بين الصلاة الأولى والشروع في الثانية أو الفراغ من الثانية؟ وبين الصلاة حتى يصليها أو بين الوضوء؟

طالب:..........

يعني بين الوضوء؟

طالب:...........

لا، بين الصلاتين هذا الأصل، المقصود أن قوله: "حتى يصليها" أي: يشرع في الصلاة الثانية" الشروع، وقوله: «ثُمَّ يتَبعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ» هل معناه حتى يُشرع في دفنها أو حتى يُفرغ من دفنها؟

طالب:..........

نظَّر.

قال: "حتى يصليها" أي: يشرع في الصلاة الثانية" في الحديث في اتباع الجنائز «حَتَّى تُدْفَنَ»، هل المقصود كما هنا حتى يُشرع في دفنها أو المقصود حتى يُفرغ من دفنها؟ الأصل «حَتَّى تُدْفَنَ» لما تنتهي هذا أصل التعبير، وهنا يقول: "حتى يصليها" أي: يشرع في الصلاة الثانية".

طالب:..........

ماذا؟

طالب: .......

..... عند بعض الناس، نسأل الله العفو.

"قوله: "قال: عروة الآية" {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا} [البقرة:159] يعني الآية التي في البقرة إلى قوله: {اللَّاعِنُونَ} [البقرة:159] كما صرح به مسلم، ومراد عثمان -رضي الله عنه- أن هذه الآية تحريضٌ على التبليغ" وفيها أيضًا تحذير من الكتمان.

"وهي وإن نزلت في أهل الكتاب لكن العبرة بعموم اللفظ" العبرة بعموم اللفظ، كما قال عمر –رضي الله عنه-: مضى القوم، ولم يُرد به سوانا.

"وقد تقدم نحو ذلك لأبي هريرة في كتاب العلم، وإنما كان عثمان يرى ترك تبليغهم ذلك لولا الآية المذكورة خشيةً عليهم من الاغترار، والله أعلم.

وقد روى مالك هذا الحديث في الموطأ عن هشام بن عروة، ولم يقع في روايته تعيين الآية، فقال من قبل نفسه: أراه يريد وأقم الصلاة" اجتهد عثمان –رضي الله عنه- أصاب أم ما أصاب؟

"أراه يريد وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفًا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات انتهى، وما ذكره عروة راوي الحديث بالجزم أولي" يعني مما استظهره مالك -رحمه الله-. "والله أعلم".

"