وعليكم السلام ورحمة الله، هذه الدول التي ذكرها السائل مما يطول فيه النهار جدًّا في بعض السنة، ويقصر الليل جدًّا، وفي بعضها الآخر العكس، فهذه الدول التي يتمايز فيها الليل من النهار، ويطلع فيها الفجر ويُعرَف، وتطلع الشمس وتغيب، هذه لا بُد من الصيام بحدِّه الشرعي من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، طال النهار أو قصر، لا بُد من هذا، مادام يتمايز الليل من النهار، فالنهار معروفٌ بحدوده الشرعية، والليل كذلك، فلا بُد من الصيام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ولو طال، ولو زادت المشقة.
ثم بعد ذلك إذا صام في النهار من طلوع الفجر وطال عليه النهار وعجز عن إتمام الصيام واضطُر إلى الإفطار؛ خوفَ الهلكة فإن له أن يُفطر خشيةَ الهلاك، ثم يقضي هذا اليوم.
أما البلدان التي لا يتمايز فيها الليل والنهار كما يُقال عن بعض الجهات أن نصف السنة ليل ونصفها نهار، فهؤلاء يَقْدُرون ويُقدِّرون النهار بأقرب البلدان المجاورة لهم، كما يكون الشأن والحال في وقت الدجال الذي يومه الأول كالسنة، وقد سُئل النبي –عليه الصلاة والسلام- عن الصلاة، فقال: «اقْدُرُوا لَها» [مسلم: 2937]، فيُحسب لها حسابها، فيُصلى في هذا اليوم الذي قَدْر السنة صلاة سنة، يُقدر لصلاة الفجر كذا، وبعدها بمدةٍ تكون صلاة الظهر، وبعدها بساعتين أو ثلاث تكون صلاة العصر...إلى آخره.
أما ما يتمايز فيه الليل والنهار كالدول المسؤول عنها فإنه يلزم الصيام ويجب الإمساك مع طلوع الفجر إلى غروب الشمس ولو طالت المدة، والحل في ذلك أن يستمر في صيامه إلى أن يعجز عن الإتمام، فيُفطر ويقضي فيما بعد، فمَن عجز عن إتمام صوم يومه لطوله أو علم بالأمارات أو التجربة أو بإخبار طبيبٍ أمينٍ حاذق أو غلب على ظنه أن الصوم يُفضي إلى هلاكه أو مرضه مرضًا شديدًا أو يُفضي إلى زيادة مرضه أو بطء بُرئه أفطر -إذا خشي على نفسه-، ويقضي الأيام التي أفطرها في أي شهرٍ تمكَّن فيه من القضاء، وفي أي مكانٍ كما لو انتقل من مكانه، المقصود أنه يصوم الصيام الشرعي من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، والله أعلم.