الأدب في نداء الوالدين

السؤال
سمعت من ينادي والديه بأسمائهما، وأحيانًا يكني أباه باسم ولده الأكبر وهكذا، وهم راضون عن ذلك، فهل فعلهم هذا من البر؟
الجواب

تسمية الوالد باسمه أو بكنيته خلاف الأدب الشرعي، الأدب الشرعي في مثل قول الخليل -عليه السلام-: {يَا أَبَتِ} [مريم: 42]؛ لأنه يذكِّر بالرابطة بينهما، لكن إذا قال: يا فلان، فما الفرق بين أبيه وبين فلان من بعيد الناس؟! أو إذا قال: يا أبا فلان، فما الفرق بين أبيه وبين جاره المكنى بأبي فلان بالكنية الموافقة لكنية أبيه؟! فإذا قال: يا أبتِ، كما أنّه أيضًا إذا قال: يا أخي، وكذا إذا قال: يا عمِّ، لا شك أن هذا هو الأدب الشرعي، والأدب المعروف عند الأوائل حتى عند العرب أن يُدعى الكبير بيا عمّ، والصغير بالابن، أو ابن الأخ، وجاء في حديث بدء الوحي من قول خديجة –رضي الله عنها- لورقة بن نوفل: «أي عم، اسمع من ابن أخيك» [مسلم: 160]، ولا تربطه به قرابة ولا صلة رحم، لكن هذا من باب الأدب، فيقال للكبير: يا عمّ، والولد يقول لوالده: يا أبتِ، ولأمه: يا أمي، ولأخيه: يا أخي، وهكذا، أما التسمية بالاسم المجرد فهذا خلاف الأدب الشرعي، وليس من البر أن يُنادى الأب بلفظ يوافقه فيه غيره، مع أنه أحق الناس بالبر والتقدير والاحترام، وكذلك الأم، ونسمع من ينادي أخاه: يا فلان، أو عمه: يا أبا فلان، وهذا ليس من الأدب، إنما يقول: يا عمّ؛ ليذكره بالرابط بينهما، الرابط الذي تجب به الصلة، وهي العمومة، أما إذا كنَّاه وقال له: يا أبا فلان، فلا فرق بينه وبين بعيد الناس من الجيران وغيرهم.

نعم بعض الآباء يتبسّط مع أولاده وينزل من قيمته عندهم؛ ليفضوا إليه بما يريد وهكذا، هذا لا شك أنه من جانبه مطلوب، لكنه من جانبهم غير مطلوب ولا مرغوب، وكل شخصٍ مكلفٍ له من خطاب الشرع ما يخصه، فللأب أن يتبسط مع ولده، وينبغي له ذلك؛ ليدخل حبه إلى أعماق قلوبهم ويحترموه ويقدروه، فيملي عليهم ما شاء، وقل مثل هذا في الكبار، لكن على الصغير أن يحترم الكبير، ولو وجد هذا من الكبير فإن لكل مكلَّف مايخصه من خطاب الشرع، كما أن الإنسان لا يجوز له أن يحب أن يتمثل له الناس قيامًا، لكن بالمقابل الطرف الآخر عليه أن يحترم هذا الداخل، أو هذا الكبير، أو صاحب القدر والشأن.