انشغال المعتكف بأجهزة التواصل

السؤال
في مثل هذه الأيام كَثُرت الأجهزة التي يتواصل بها الناس، مثل أجهزة الجوال وغيرها، وقد يُمضي المُعتكِف جُلَّ وقته في التواصل مع الآخرين من خلال هذه الأجهزة، فما توجيهكم في مثل هذا -يحفظكم الله-؟
الجواب

إذا عرف المعتكِفُ الحكمة من شرعية الاعتكاف، وهي حفظ القلب وجمعية القلب على صاحبه بحيث لا يتشتت ذهنه وينحصر فيما هو بصدده من العبادة التي لزم من أجلها المسجد، من ذكرٍ وتلاوةٍ وصيامٍ وقيامٍ، حتى إن أهل العلم يقصرون أعمال المعتكِف على هذه ولا يتعدى إلى النفع المتعدي، ولا إلى العلم لا تعلمًا ولا تعليمًا، بل يتركون ذلك كله ويقتصرون على ما ذكر من الصيام في النهار والذكر والتلاوة والصلاة بالليل والنهار، ويحرص المعتكِفُ على ما افترض الله عليه، ويتعدى ذلك إلى النوافل؛ لأنه ما تقرب أحد إلى الله بمثل ما افترض عليه، ولا يزال العبد يتقرب إلى الله بالنوافل حتى يحبه فإذا أحبه كان سمعه.. إلى آخر الحديث [ينظر: البخاري: 6502]، فهذه الأجهزة والتوسع فيها قد تنافي الحكمة من شرعية الاعتكاف، فكأنه في خلطة مادام الجهاز معه ويتصل بمن شاء ويرد على من شاء، حتى توسع بعضهم في أجهزة الحواسب والكمبيوترات، ويطلعون على أخبار العالم، وبعضهم يأتي بالجرائد، كل هذا لا شك أنه يخدش في الاعتكاف، إذا تَصوَّر واستشعر الحكمة التي من أجلها شُرع الاعتكاف لا شك أنه سوف يقطع الصلة بهذه الأمور كلها، ومن الخطأ ما سُمع من بعضهم ممن يقوم على تربية الشباب -على حد زعمه- أنه لا مانع من وجود برامج ترفيهية من أجل ترغيب هؤلاء الشباب بالاعتكاف، هذا ينافي مقتضى الاعتكاف ومشروعيته، إما أن يعتكف اعتكافًا شرعيًّا وإلا فاللعب لا مجال له في العبادة.