طلب العلم من خلال الكتب دون حضور دروس العلماء

السؤال
مع كثرة العكوف على قراءة كتب السلف هل يمكن أن يبني هذا طالبَ علم دون الجلوس في دروس العلماء؟
الجواب

الأصل أن التعلم يكون على العلماء، ولا يكفي النظر في الكتبِ، فالكتبُ معينة ومساعدة، لكن الأصل في التعلم والعلم أن يؤخذ من أفواه العلماء، ولذا قال بعضهم: (من كان علمُه مِن كتابه كان خطؤُه أكثر مِن صوابه)؛ لأنه قد يقرأ هذا الكلام ويفهمه على غير مراد مؤلفه، وعلى غير ما يفهمه أهل العلم؛ لأن العلم له مفاتيح، وهذه المفاتيح هي بأيدي أهل العلم الذين أفنوا أعمارهم في التعلم والتعليم، والبحثِ والتنقيب، ومدارسةِ المسائل، وتلاقحِ الأفكار والفهوم، والعلمُ يُبنى بعضُه على بعض، أما أن يأتي شخص يَعرف القراءة والكتابة ويقرأ في كتب العلم مباشرة ولا يجلس على العلماء فهذا لا بد أن يضل في فهمه، وقد تكون العاقبة ليست حميدة، مع أن هناك بعض المؤلفات لبعض المعاصرين تُعين طالب العلم ويفهمها بنفسه، ولا تحتاج إلى كبير عناء وتعب في فهمها، فمثل هذه إذا كان لا يستطيع الحضور عند المشايخ فيقتصر عليها ويقرأ فيها، وإذا أشكل عليه شيء منها يسأل عنه، وإلا فالأصل أن الكتب والمتون والشروح التي ألفها أهلُ العلم لطلاب العلم لا بد أن تُتلقى عن أهل العلم، فإذا أدرك طالبُ العلم مِن ملازمة الشيوخ ما يكفيه للاستقلال فحينئذٍ يَستقل.

أما شروح أهل العلم المسجلة والمنقولة بواسطة الأجهزة فلا شك أنها وسائل نافعة ومعينة، لكنها لا تكفي لبناءِ طالبِ علم دون أن يجلس على المشايخ، وقد جُرِّبت هذه الوسائل وجُرِّب طَلَبُ العلم مِن خلالها وأنه بإمكانه أن يكتب سؤاله ويُلقى على الشيخ مِن خلال هذا الجهاز ويجيب عليه الشيخ، لكن لا يتيسر له الأمر مثلما يتيسر لمن حضر الدرس، وعلى كل حال ما لا يُدرك كله لا يُترك ما يمكن منه، فإذا أمكن طلب العلم مِن خلال هذه الأجهزة، وأمكن السؤال من خلالها، وكَمَّل ما يفوته بسؤال أهل العلم، سواء كان بالهاتف أو بالمرور عليهم وسؤالهم عما يُشكل عليه فإنه يُحصِّل خيرًا -إن شاء الله تعالى-.