يقول الله -جل وعلا-: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا} [الأحزاب: ٥٨]، فالأذى لا شك أنه ظلم متعدٍ، وهذا من حقوق العباد التي لا تدخل تحت الغفران، فهي من الديوان الذي لا يغفر، وهذه الظاهرة السيئة التي ظهرت حديثًا وهي ظاهرة التفحيط ولم تكن موجودة لما كان الناس منشغلين بأعباء المعيشة والبحث عن الرزق، وإنما لما انفتحت عليهم وابتلوا بالترف ظهرت مثل هذه الأمور، ولا شك أن آثارها سيئة وعواقبها وخيمة، فالإنسان لا يقر له قرار وهو يرى مثل هذه السيارة مثل هذا السلاح الفتاك يلعب به هذا الشاب الطائش يمينًا وشمالاً ويُرهب الآخرين، فالإنسان وهو في بيته ويسمع مثل صرير هذه السيارات لا يأمن على نفسه ولا يأمن على ولده، إذا خرج طفل خِيف عليه، إذا خرج إنسان كبير أو صغير فإنه لا يأمن على نفسه، بل حصل من ذلك حوادث يندى لها الجبين، دُهِسَ الناس بهذه السيارات التي يستعملها هؤلاء السفهاء، والله -جل وعلا- يقول: {وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ} [النساء: ٥]، فهذا نهي لولي الأمر أن يعطي هذه الآلة الفتاكة لهذا السفيه الذي يستخدمها في غير ما صُنعت من أجله، هذه نعمة من الله -جل وعلا- يسرت للمسلمين ولغيرهم حوائجهم بدلاً من أن يحملوها على ظهورهم أو على الوسائل القديمة التي لا تريح مثل هذه الوسائل الحديثة، لكن هي كسائر النعم إذا لم تستعمل فيما يرضي الله -جل وعلا- وتستخدم بعقل وحكمة فلا شك أنها نقم، وهذا هو الحاصل بالنسبة لكثير من الشباب الذين يزاولون هذه المهنة، وكم من طفل راح ضحية لهؤلاء المفحطين، وكم من شابّ انقلبت به سيارته فمات هو ومن معه، وكم من معاق حصلت له الإعاقة بسبب هذا الفعل الشنيع.
وكذلك إيذاء العمال وغيرهم، إيذاء المؤمنين أمره عظيم وشأنه خطير، فيتقي الله -جل وعلا- كل مسلم سواء كان مكلفًا يتقي الله في نفسه، وأما غير المكلف فوليه يأطره ويحمله على لزوم الجادّة، بحيث لا يؤذي الناس ولا يُمكنه من آلة يؤذي بها الناس، والله المستعان.