المتاجرة في الكتب التي تحوي مخالفات شرعية

السؤال
ما حكم المتاجرة في الكتب التي يوجد فيها شرك وسحر وبدع وخرافات وأحاديث موضوعة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، فتفسد عقيدة المؤمن وتدخل فيها ما ليس منها؟
الجواب

الجواب ظاهر من السؤال، مادامت تفسد عقيدة المؤمن وتدخل فيها ما ليس منها فهذه محرمة تحريمًا شديدًا، ولا شك أن مثل هذه الكتب وجودها بين المسلمين ضرر كبير، وضرر محض، فليتق الله -جل وعلا- من يصنف هذه الكتب؛ لأن عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، كما هو الشأن في كتب البدع التي ألِّفت من قرون طويلة، فكم من شخص تأثر بهذه الكتب، فعلى مؤلفها وزر كل من تأثر بها إلى يوم القيامة -نسأل الله السلامة والعافية-، وكذلك من دل على هذه الكتب، سواء بمقال أو بكتابة أو بإشارة، وأما بالنسبة لمن يبيعون هذه الكتب ويتاجرون فيها فلا شك أنهم مروجون لهذا الشر المستطير، ففعلهم محرم، يقول ابن القيم -رحمه الله- في (زاد المعاد): "وأما تحريم بيع الأصنام فيستفاد منه تحريم بيع كل آلة متخذة للشرك على أي وجه كانت، ومن أي نوع كانت، صنمًا أو وثنًا أو صليبًا، وكذلك الكتب المشتملة على الشرك وعبادة غير الله تعالى، فهذه كلها يجب إزالتها وإعدامها، وبيعها ذريعة إلى اقتنائها واتخاذها فهو أولى بتحريم البيع من كل ما عداها، فإن مفسدة بيعها بحسب مفسدتها في نفسها"، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- حذر عن بعض الكتب ككتاب أبي الحسن البكري (تنقلات الأنوار) حيث يقول في (مجموع الفتاوى): "وصاحب الكتاب الذي سماه (تنقلات الأنوار) يفتري الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى أصحابه، ويكذب عليه كذبًا لا يعرف أن أحدًا كذب مثله في كتاب، وإن كان في بعض ما يذكره صدق قليل جدًا فهو من جنس ما في سيرة عنترة والبطال، فإن عنترة كان شاعرًا فارسًا من فرسان الجاهلية، وله شعر معروف، وقصيدته إحدى السبع المعلقات، لكن افتروا عليه من الكذب ما لا يحصيه إلا الله، وكل من جاء زاد ما فيها من الأكاذيب"، وفي موضع آخر يقول: "وأما مثل ما في (تنقلات الأنوار) من الأحاديث فهو مما يعلمه من له أدنى علم بأحوال الرسول -عليه الصلاة والسلام- ومغازيه أنه كذب. وعلى ولاة الأمور عقوبة من يروي هذه أو يعين على ذلك بنوع من أنواع الإعانة، ولولي الأمر أن يحرِّقها، فقد حرق عثمان -رضي الله عنه- كتبًا هذه أولى بالتحريق منها"، ويقول الحافظ الذهبي عن ومؤلفه أبي الحسن البكري: "ذاك الدجال واضع القصص التي لم تكن قط"، سماه دجالًا، ولا شك أنه مادام يكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويضع الأحاديث، ويؤلف في ذلك أنه دجال من الدجاجلة، ونحن -ولله الحمد- في هذه البلاد عندنا مقاييس وموازين لفسح الكتب، فيرجى ويؤمل ممن له سلطة في هذا الباب ألا يتساهل في مثل هذه الأمور؛ لأن إدخال هذه الأمور على المسلمين فيه ضرر عظيم، وأما بالنسبة للكتب التي هي أقل من هذه ضررًا مما فيه نوع بدعة وشوب بدعة فمثل هذه أيضًا لا يجوز للمبتدئين قراءتها؛ لأنهم يتأثرون بها، ولا يجوز بيعها عليهم، ولو تُدولت بين طلاب العلم الذين يفيدون منها من أجل بيان باطلها والرد عليها كما كان شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره يردون على المبتدعة فهذا لا مانع منه، أما اعتمادها وترويجها بين آحاد طلاب العلم الذين يتضررون ولا يميزون بين الحق والباطل فهذا لا يجوز بحال، والله أعلم.