عدم إنكار المنكرات خشية العقوبة أو التضييق

السؤال
الذي يخشى على نفسه من العقوبة أو التضييق، ويرى المنكرات فيُنكرها بقلبه دون اللسان واليد، هل يكون هذا عذرًا له، ويكون ممن لم يستطيع المراتب السابقة في الإنكار، أم أن هذا من الضعف والخَوَر؟
الجواب

إذا تحقَّق العقوبة عليه بشيء لا يحتمله، أو بشيءٍ يشق عليه من شخصٍ يملك ويقدر على عقابه فلا شك أن في هذا مندوحة، وجاء فيه الحديث الصحيح، لكن ليكن ذلك متحقَّقًا، لا بالظن والوهم؛ لأن بعض الناس يُخيِّل إليه الشيطان ويسوِّل له أنه يمكن إذا أنكرت على هذا أن يؤذيك أو يُسلِّط عليك من يؤذيك، هذا من تسويل الشيطان وتثبيطه، لكن إذا كان هذا معروفًا أن مَن أنكر عليه آذاه أذىً يشق تحمله فالحديث الصحيح «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [مسلم: 49]، فهو داخل في هذا –إن شاء الله-، لكن لا يسوغ في أمِّة بكاملها أو بغالبها أو بأكثر مَن يَمُرُّ ولا يُنكر ولا يأمر بحجة أنه يتأذى! هذا لا شك أنه يجعل المنكرات تستشري.

وهذه الشعيرة التي هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلوبة من كل مسلم، وليست منوطة برجال الحسبة فقط؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: «من رأى منكم منكرًا فليغيره» إلى آخر الحديث، والله -جل وعلا- يقول: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110]، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب خيرية هذه الأمة، وبنو إسرائيل لُعنوا بسبب تركهم الإنكار {كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ} [المائدة: 79] -نسأل الله العافية-، فلا يجوز لهذه الأمة التي هي خير أمة أخرجت للناس أن تتشبَّه بأولئك، فلا بد أن يقوم بهذه الشعيرة مَن يَسقط به الواجب ويقوم به تحقيق المصالح ودرء المفاسد.