الاكتفاء بحفظ (البلوغ) عن (العمدة) لمن عزم على حفظ الكتب التسعة

السؤال
أُشهد الله أني أحبكم من أجله، شيخنا الكريم: هل يكفي حفظ (البلوغ) عن (العمدة) لطالب العلم الذي هو عازمٌ على حفظ الكتب التسعة فيما بعد، أم أن الأفضل الجمع بينهما؟
الجواب

أقول للسائل: أحبَّك الله الذي أحببتنا فيه.

وأما بالنسبة لحفظ (البلوغ) والاكتفاء به عن (العمدة) فقد جرتِ العادة عند أهل العلم أن تُقدَّم (العمدة) على (البلوغ)؛ لأن أحاديثها أقل، وهي أيضا أصح؛ لأن شرط مؤلف (العمدة) أن ينتقي من أحاديث الأحكام من الصحيحين، وأما كونه ينوي حفظ الكتب التسعة فلا شك أن نيته هذه لو تمَّتْ لأغنتْ هذه الكتب عن (العمدة)؛ لأن (العمدة) من الصحيحين أو من أحدهما في بعض الحالات، لكن قد لا يتيسر له تحقيق هذه الأمنية، مع أن التدرج في الطلب والمشي على جادة أهل العلم في حفظ المتون الصغيرة ثم ما يليها مما يُعدُّ للطبقة التي فوق هذه أفضل، فلو بدأ بـ(الأربعين) كالمعتاد، ثم (العمدة)، ثم (البلوغ)، ثم بعد ذلك بدأ بالكتب المسندة كالصحيحين والسنن لكان هذا هو الأولى والأفضل؛ لأنه قد يطول به الأمر لا سيما إذا شرع في حفظ الكتب التسعة؛ لأنها تحتاج إلى زمن طويل، وهو بحاجة إلى جميع أبواب الفقه معتمدًا في ذلك على أحاديث صحيحة كأحاديث (العمدة)، فمثل هذا لا شك أنه إذا كانت لديه الملكة والقدرة على حفظ الكتب التسعة فإن (العمدة) لن تكلِّفه شيئًا، بل سيحفظها في وقت يسير، ثم يحفظ (البلوغ) أو (المحرر) لابن عبد الهادي؛ ليشتغل عليهما في تفقهه قبل أن يتم له حفظ الكتب التسعة، والله أعلم.