نصيحة لمَن يُكثر من الذهاب إلى الأسواق في شهر رمضان

السؤال
ما نصيحتكم لمَن يُكثر من الذهاب إلى الأسواق في شهر رمضان المبارك، وقد يكون بحاجة أو بلا حاجة؟
الجواب

لا شك أن الأسواق تَجمع الغَثَّ والسمين، وفيها من المنكرات ما يؤثِّر على قلب المسلم، فعلى الحريص المتحرِّي ألَّا يذهب إلى الأسواق إلا في حال الحاجة الماسة في الأمور التي لا يَجد مَن ينوب عنه فيها، لا سيما في هذا الشهر المبارك الذي جاء فضله وذكره واستغلاله وعِظَم الأجور المرتَّبة على العبادات فيه، فعلى المسلم أن يستغل جميع وقته لما يرضي الله -جل وعلا-؛ لأنها فرصة، وإذا انتهى هذا الشهر ندم مَن فرَّط ولاتَ ساعةَ مندمٍ.

ويبقى أنه إذا كان الخروج للأسواق بلا حاجة فهذا لا شك أنه خسران وحرمان، أما إذا كان لحاجة والحاجة تقدَّر بقدرها فيقتصر على موضع الحاجة إذا كانت ماسة ولا تَقبل التأجيل، وإلا لا شك أن الأسواق فيها من المخالفات ما له أثر كبير على القلب. وتصوَّر أن شخصًا بين صلاتي التراويح والتهجد خرج إلى الأسواق وفيها من المنكرات وتبرج النساء فما الذي يُتصوَّر مِن أن يَعقل مِن صلاته في التهجد؟! وإذا كانت القلوب أثَّرتْ عليها الحياة التي نعيشها والتوسُّع في أمور الدنيا للمعتكِف الذي لزم المسجد ولا يخرج إلا لحاجةِ الإنسان فتجده لا يعقل من صلاته إلا ما قلَّ فكيف بمن أضاع وقته في القيل والقال والاجتماعات التي لا داعي لها، فضلًا عن الخروج إلى الأسواق؟! والعلماء من شرَّاح الحديث - شرَّاح (البخاري)- في شرح حديث «يوشك أن يكون خيرَ مال المسلم غنمٌ يتبع بها شعف الجبال» [البخاري: 19] ذكروا المفاضلة بين العزلة والخلطة، لكن الذي رجحه كثير من الشرَّاح أن العزلة أفضل؛ لعدم خلو المحافل من المنكرات، وشواهد الأحوال في أسواق المسلمين تدل على ذلك، لكن يبقى أن المسألة ليست محسومة؛ لأن فيها نصوصًا تدل على فضل العزلة، ونصوصًا أخرى تدل على فضل الخلطة، والمرجَّح في هذه المسألة أنها تختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، فبعض الناس تترجَّح في حقه الخلطة؛ لأنه يستطيع أن يؤثِّر في الناس، وينفع الناس، ويقضي حوائج الناس، ويُفتي الناس، ويوجه الناس، ولا يتأثَّر بمنكراتهم، فمثل هذا تتعيَّن عليه الخلطة، في مقابل مَن يتأثَّر بمنكراتهم ولا أثر له فيهم، فمثل هذا فيما قرر أهل العلم أنه يتعيَّن في حقه العزلة، والله أعلم.