تنقُّل ليلة القدر في ليالي العشر الأواخر من رمضان

السؤال
هل صحيح أن ليلة القدر تنتقل؟ وكيف يُقال: إنها تنتقل، والليلة التي أُنزل فيها القرآن على الرسول -صلى الله عليه وسلم- واحدة معيَّنة عند الله تعالى؟
الجواب

الخلاف في تعيين ليلة القدر والأقوال فيها قاربت الخمسين قولًا عند أهل العلم، ذكرها الحافظ ابن حجر في (فتح الباري)، ولكنْ منها ليالٍ تكون أرجى من غيرها، وفيها نصوص، وهي مرجَّحة عند جمع من أهل العلم، فمثل ليلة واحد وعشرين جاء في الصحيحين أن النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى أنه يسجد في صبيحتها على ماء وطين [البخاري: 2016 / ومسلم: 1167]، هذا نص صحيح في الصحيحين، وتبنَّاه جمع من أهل العلم، ورجَّحوا هذا القول، ومنهم مَن يرى أنها ليلة ثلاث وعشرين، «في سابعةٍ تبقى» [البخاري: 2021]، إلى غير ذلك من الأقوال المدوَّنة في كتب أهل العلم. وجمعٌ من أهل التحقيق جمعًا بين الأحاديث كلها؛ لأن فيها أحاديث صحيحة تدل على التعدد يعني أنها لا تلزم ليلةً واحدةً، ولا تتَّفق على ليلة واحدة، وما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- مِن طلبها في ليالي الوتر يدل على أنها تُطلب في هذه الليالي لا في ليلة بعينها، وإن كان الجواب عن هذا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يريد أن يحرص المسلم ويُكثر من العبادة، ولا يقتصر على ليلة واحدة، وإلا فالتعيين ممكن، لكن الحكمة من كونها لا تُعرف بعينها من أجل أن يُكثر المسلم من العبادات، ويُكثر من التقرب إلى الله -جل وعلا-، فلو عُرفتْ هذه الليلة لقصدها الناس وتركوا ما سواها.

وعلى كل حال القول بأن ليلة القدر تتنقَّل هذا قول معروف عند جمع من أهل التحقيق، وله ما يُؤيده، ولا يعارِض أن الليلة التي أُنزل فيها القرآن على النبي -عليه الصلاة والسلام- واحدة، فتكون هذه الليلةُ في تلك السنة: هذه الليلةَ التي أُنزل فيها القرآن، فيكون من وصفها _لأنها ليلة القدر-: أُنزل فيها القرآن، ويكون فضلها متنقِّلًا تبعًا لانتقالها بين الليالي التي جاءت بها النصوص، والله أعلم.