كيفية قراءة المسبوق الفاتحة إذا أدرك الإمام في الركوع

السؤال
أسمع أن مَن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فليس له صلاة، فما الحكم إذا أدركتُ الإمام في الركوع، كيف أقرؤها؟ وهل تسقط؟
الجواب

ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من حديث عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- أنه قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» [البخاري: 756]، ومفاد الحديث أن الصلاة التي لا يُقرأ فيها بالفاتحة أنها باطلة، والنفي نفي صحة، وإن قال بعض أهل العلم: إنه نفي كمال، وإن أي قراءة بما تيسَّر من القرآن تكفي، لكن لا شك أن هذا القول مرجوح، ولا يُعوَّل عليه.

يبقى النظر في تعارض حديث عُبادة مع ما جاء في الأمر بالإنصات لمستمعِ القرآن، مما جعل أهل العلم يختلفون في القراءة بالنسبة للمأموم وقت سماعهِ لقراءة الإمام {وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204]، فنزَّلوها على مَن يستمع قراءة الإمام، فيجب عليه أن يُنصت، وإذا لم يتيسَّر له قراءة في حال سكوت الإمام فإن القراءة تسقط عنه، وهذا قول معتبر عند أهل العلم، ويفرِّقون بين صلاة المأموم في الجهرية التي يلزمه الإنصات فيها، والسرية التي لا يوجَد فيها معارِض لحديث عبادة بن الصامت، فيقولون: تلزم في السرية دون الجهرية. ومنهم مَن يرى أن المأموم لا قراءة عليه أصلًا، وقراءة الإمام قراءة لمن خلفه، ولكن حديث عبادة بن الصامت صحيح وصريح في نفي صحة الصلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، وهو المرجَّح عند كثير من أهل التحقيق، لكن يبقى الحرج الذي يقع فيه كثير من الناس من عدم إمكان القراءة أثناء قراءة الإمام، إذا ألزمناه بقراءة الفاتحة والإمام يقرأ، وقد جاء ما يدل على ذلك من قوله -صلى الله عليه وسلم-: «ما لي أُنَازَعُ القرآن؟» [أبو داود: 826]، «لعلكم تقرؤون خلف إمامكم»، قلنا: نعم هذا يا رسول الله، قال: «لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب» [أبو داود: 823] أو كما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام-، هذا يدل على أن حديث عبادة على عمومه، وأنه لازم لكلِّ مصلٍّ.

يبقى موضع السؤال: وهو المسبوق إذا جاء والإمام راكع كيف يقرأ الفاتحة؟

إذا قلنا: إنها تلزم كلَّ مصلٍّ فيُستثنى من ذلك المسبوق؛ لحديث أبي بكرة –رضي الله عنه-، وأنه جاء والنبي -عليه الصلاة والسلام- راكع فركع دون الصف، ثم لحق بالصف، ومعلوم أنه لم يقرأ الفاتحة، ولا أنكر عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، بل قال له: «زادك الله حرصًا ولا تَعُدْ» [البخاري:783]، أو «لا تُعِد» أو«لا تَعْدُ» كما جاء في الروايات، المقصود أن مفاد الحديث أن المسبوق تسقط عنه قراءة الفاتحة. ويُذكَر عن أبي هريرة –رضي الله عنه- وهو رأي مرجَّح عند الشوكاني وبعض العلماء أن الفاتحة لا تسقط ولا عن المسبوق، فإذا لم يُدرك الفاتحة ولم يقرأ الفاتحة فاتته الركعة، لكن عامة أهل العلم على أن المسبوق تسقط عنه القراءة، والله أعلم.