الجمع بين أنه صلى الله عليه وسلم ما مست يدُه يدَ امرأة، وبين أخذ الأَمَة بيده

السؤال
كيف الجمع بين حديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "ما مست يدُه يدَ امرأة قط"، وبين حديث "إن كانت الأَمَة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتنطلق به حيث شاءت"؟
الجواب

: نعم ثبت في (صحيح البخاري) من حديث عروة عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "والله ما مسَّتْ يدُه يدَ امرأة قط في المبايعة"، والنبي -عليه الصلاة والسلام- اشترط على المؤمنات الشروط، وقال لكل واحدة منهن: «قد بايعتكِ» كلامًا، وتقول عائشة: "والله ما مسَّتْ يدُه يدَ امرأة قط في المبايعة، ما يبايعهن إلا بقوله: «قد بايعتك على ذلك» [4891]، هكذا في (صحيح البخاري) من حديث عائشة –رضي الله عنها-، وهو عند غيره كالترمذي من حديث معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال: "ما مسَّتْ يدُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدَ امرأة إلا امرأة يملكها" [الترمذي: 3306]، يعني من نسائه، أو من محارمه، هذا عند الترمذي.

والحديث المسؤول عنه عند (البخاري) من حديث أنس بن مالك "إن كانت الأَمَة من إماء أهل المدينة، لتأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتنطلق به حيث شاءت" [6072]، ولا يمنع أن يكون إمساكها بيده وأخذها بيده من وراء حائل؛ لأن الحديث الأول مُحكَم ومؤكَّد بالأيمان، وقد جاء مِن طُرق، وهو الجاري على القواعد الشرعية، والثاني دلالته الأصلية في بيان خلُقه -عليه الصلاة والسلام- وأنه ليِّنٌ مع الجميع، هذه دلالته الأصلية، أما الدلالة الفرعية التي قرر الشاطبي أنها لا يُستدَل بها؛ لأن الخبر لم يُسَق من أجلها، وإنما سيق لبيان خُلقه -عليه الصلاة والسلام-، وهذه الدلالة الفرعية معارَضة بدلالة أصلية في حديث مُحكَم، فلا يقال: (إنها تمسك بيده)، مع أنه يمكن الجواب عن الحديث بأنها تُمسك بيده من وراء حائل، فيبقى حديث عائشة –رضي الله عنها- مُحكمًا، ولم تمس يدُه يدَ امرأة قط، والله أعلم.