شرب عصير التمر الهندي المحفوظ في زجاجات لمدة طويلة

السؤال
من المنتجات التي أجدها منتجٌ هندي اسمه "عصير التمر الهندي"، يعصرون التمر ويُجلب إلى هذه البلاد، السؤال: بقاؤه في الزجاجات الحافظة لمدة عدة أشهر هل يُعدُّ من النبيذ المحرم؟
الجواب

أولًا: التمر الهندي ليس هو التمر، يُطلق عليه تمر وهو في حقيقته ليس بتمر، ويختلف في حدِّه وحقيقته عن التمر، وما فيه من نوى يختلف اختلافًا جذريًّا عن النوى الموجود في التمر، فالحقيقة تختلف.

الأمر الثاني: إن أي عصير سواء كان تمرًا أو تمرًا هنديًّا -على ما قيل- أو عصير تفاح أو أي عصير من أنواع العصائر كلها، "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُنتبذ له أول الليل، فيشربه إذا أصبح يومه ذلك، والليلة التي تجيء، والغد، والليلة الأخرى، والغد إلى العصر" [مسلم: 2004]، يعني ما يبقى ثلاثة أيام كاملة، لماذا؟ لأنه مظنة أن يتغيَّر، فيشتد ويَقذف بالزبد ويكون خمرًا فيَسكر من يشربه؛ لأنه مظنة في المدة هذه، لكن الآن مع وجود المواد الحافظة التي تحفظ هذه العصائر وهذا النبيذ من أن يتغيَّر ولو طال أمده، فأحيانًا تجلس العصائر لمدة سنة، على كل حال المسألة تختلف باختلاف الأجواء واختلاف وسائل الحفظ، فتجد الآن في العصائر التاريخ واحدًا –مثلًا- بين علبتين إحداهما منتفخة تأثرتْ؛ لأن حفظها ليس بسليم، والأخرى باقية ولا سيما أنها في المدة المقررة لها من الجهة المُصنِّعة.

وما جاء في النبيذ الممنوع في عصر السلف لا شك أنه الذي هو مظنة لأن يتغيَّر ويُسكر، فتُحسم المادة قبل ثلاث ليال، فيُشرب لليلة أو ليلتين، وأما إذا تم له ثلاث ليالٍ فيُراق كما كان يُنبذ له -عليه الصلاة والسلام-.

وفي أول الأمر جاء النهي عن الانتباذ في الأوعية الصلبة التي يتغيَّر ما في جوفها من غير أن يعلم الشارب هل تغيَّرتْ أو لم تتغيَّر؟ فجاء النهي عن الانتباذ في الدُّبَّاء والنَّقير والمُقيَّر واقتصر الإذن على أسقية الأُدم، التي هي الجلود؟ لماذا؟ لأنها إذا تغيَّر ما فيها انتفختْ وعُرِف أنه تغيَّر، فإنه إذا اشتدَّ وقذف بالزبد الجلد ينتفخ، بينما الإناء الصلب يتغيَّر ما في وسطه ولا يُعرف أنه تغيَّر، فيُحتاط لمثل هذا، وهذا في أول الأمر، ثم لمَّا استقر تحريم الخمر، وألِف الناس التحريم، وابتعدوا كل البُعد عن شُربه، أُذِن في الانتباذ به في الأسقية كلها حتى ولو كانت صلبة. المقصود أنه يُشرب ولا يُشرب المُسكر، فصار الناس يُميِّزون، فإذا أشكل واشتبه هل هذا وصل إلى حدِّ الإسكار أو لم يصل، فإنه يجب تركه ومُجانبته، والله أعلم.