جمع المريض بين الصلوات، وتركه لها بعد فقد الوعي حتى مات

السؤال
والدي تُوفِّي منذ عدة أشهر -رحمه الله-، وكان قبلها يُجَهَّز لعملية زرع كبد، وبعد تحديد موعد العملية تأجلتْ بسبب نقص الأكسجين، فكان يأخذ مُدِرَّات للبول، فيتبول على الفراش -أعزكم الله- لعدم قدرته على التحكم في نفسه، فكان يجمع بين الصلوات قدر المستطاع، ومع ازدياد تدهور حالته حجزنا في العناية المركزة، وكان حينها فاقدًا للوعي، فبعض الأطباء قالوا: (إنهم يُعطونه مهدئًا؛ لكي ينام ولا يتألم)، والبعض الآخر قال: (إنه في غيبوبة)، وظل هكذا لمدة أسبوعٍ حتى توفاه الله، سؤالي: هل على والدي وزر الصلاة في هذه الأيام؟ وهل يُمكن أن أصلي عنه، مع العلم أنه كان من المحافظين عليها في جماعة المسلمين قبل ذلك؟ وقد تُوفِّي أبي وهو فاقدٌ للوعي فلم يُلقنه أحدٌ الشهادة، فهل يكون أبي شهيدًا مبطونًا؟
الجواب

الوالد بهذه الصفة، وهذا الحد الذي وصل إليه من المرض في أول الأمر مضطرٌّ لأخذ المُدِرَّات، فلا يتحكم في بوله، ويصعب عليه أن يتوضأ في كل وقت، وأن يُصلي في كل وقت، فوضوؤه واحد، والجمع بين الصلاتين بالنسبة له كافٍ ومُجزٍ، فله أن يجمع بين الصلوات، وعذره وظرفه يسمح له بذلك، فالجمع بين الصلاتين لمثل حاله لا إشكال فيه، وقد رُخِّص في الجمع بأعذارٍ أقل من هذا المستوى.

بعد ذلك حينما تدهورتْ حالته، ودخل العناية المركزة، وفقد الوعي: هو لا يعي، وكون الأطباء يختلفون بعضهم يقول: إننا نُعطيه مهدئات؛ لئلا يتألم؛ لأنه دخل في غيبوبة، وبعضهم يقول: لا، هو في غيبوبة ولو بدون مهدئات، نقول: هو فاقدٌ للوعي على كل حال، وإذا استمر به الأمر وفقد الوعي حتى مات فلا شيء عليه، لا قضاء ولا إثم إن -شاء الله تعالى-، لا سيما وأنك تقول: إنه كان محافظًا على الصلوات مع الجماعة في المسجد في حياته كلها، فمثل هذا بعد أن فقد الوعي لا يُكلِّف الله نفسًا إلا وسعها، فلا شيء عليه.

 ولا تصلِّ عنه؛ لأن الصلاة لا تقبل النيابة، «لا يُصلي أحدٌ عن أحد» [الموطأ: 1/303]، نعم لو كان صيامًا وتكليفه باقيًا فإنه حينئذٍ من مات وعليه صوم صام عنه وليه، وأما الصلاة فلا تَقبل النيابة، والله أعلم.

وبالنسبة لقولك: (قد توفي أبي وهو فاقدٌ للوعي فلم يُلقنه أحدٌ الشهادة، فهل يكون أبي شهيدًا مبطونًا)؟

فعلى كل حال مثل هذا غير مقدور عليه مادام فاقدًا للوعي، فلو لُقِّن ما تلقَّن، وعلى كل حال مادام فيه مرض الكبد، والكبد في الجوف، والمبطون جاء في الحديث ما يدل على أنه شهيد [البخاري: 653]، فتُرجى له الشهادة -إن شاء الله تعالى-، والمراد شهادة الآخرة دون شهادة الدنيا، فلا تثبت له أحكام الشهيد -شهيد المعركة-، وإن جاء النص والخبر بأن المبطون شهيد، فإنه حينئذٍ يُغسَّل ويُكفَّن ويُصلى عليه ويُدفن مع المسلمين، فهي شهادة آخرة وليست شهادة دنيا، والمسألة رجاء، يُرجى له ذلك.