سلام الداخل إلى المسجد بصوت مرتفع، ورد القارئ وغيره للسلام

السؤال
نحن جماعة جامع كبير، وعندما يدخل بعض المصلين للجامع يقوم بإلقاء السلام بصوت مرتفع، وفي الجامع رجالٌ يقرؤون القرآن، والبعض الآخر لا يقرؤون، السؤال: هل يلزم الذي يقرأ القرآن قطع القراءة لردِّ السلام، أم الأولى مواصلة القراءة اكتفاءً بردِّ الذين لا يقرؤون؟ وما الأفضل أيضًا للذي يلقي السلام؟
الجواب

السلام إلقاؤه سُنَّة، وجاءت الأحاديث الكثيرة في الترغيب فيه، وأنه سببٌ للمودة والمحبة بين المسلمين، وتبعًا لذلك يكون ردُّه واجبًا، كما دلَّتْ عليه الأحاديث.

وعلى المسلم إذا دخل والناس يصلون أو يقرؤون ألَّا يُشوش عليهم، فيلقي ما يؤدِّي به السُّنَّة بصوتٍ منخفض، بحيث يردُّه مَن لا يقرأ، وتقوم به الحجة، والذي يقرأ أيضًا -على خلافٍ بين أهل العلم في ذلك- يردُّ السلام أيضًا، ويلزمه ردُّه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يُسَلَّم عليه وهو يصلي، فيردُّ بالإشارة [أبو داود: 925-927]، وعلى هذا فالذي يقرأ يردُّ السلام، ويعود إلى قراءته، فيجمع الفضيلتين، وفي (التبيان في آداب حملة القرآن) وهو كتاب نافع وماتع لأبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، وهو من كتبه النافعة، يقول: (ولو كان يقرأ جالسًا فمرَّ عليه غيره فقد قال الإمام أبو الحسن الواحدي: الأولى ترك السلام على القارئ؛ لاشتغاله بالتلاوة، قال: فإن سَلَّم عليه إنسانٌ كفاه الردُّ بالإشارة)، إذا كان يقرأ خارج الصلاة ما الذي يمنع من أن يرد بالقول؟ لأنه يرد بالإشارة إذا كان يصلي؛ لأن الكلام مبطل للصلاة، فيكتفي بالإشارة كما كان يفعله -عليه الصلاة والسلام-، (قال: فإن أراد الردَّ باللفظ ردَّه، ثم استأنف الاستعاذة وعاود التلاوة)، يعني: أنه قطع قراءته وخرج منها ثم عاد إليها، ولكن إذا عاد إليها قريبًا فإنه حينئذٍ لا يلزم من إعادة الاستعاذة، قال النووي: (وهذا الذي قاله ضعيف، والظاهر وجوب الردِّ باللفظ، فقد قال أصحابنا: إذا سلَّم الداخل يوم الجمعة في حال الخطبة وقلنا: الإنصات سنَّة، وَجَبَ له ردُّ السلام على أصح الوجهين، فإذا قالوا هذا في حال الخطبة مع الاختلاف في وجوب الإنصات وتحريم الكلام، ففي حال القراءة التي لا يحرم الكلام فيها بالإجماع أولى، مع أن ردَّ السلام واجبٌ في الجملة، والله أعلم).

وما قاله من مسألة الخلاف في وجوب الإنصات للخطبة هو على حسب مذهبهم، وإلَّا فالصحيح أن الإنصات واجب، وحينئذٍ لا يَردُّ السلام إلَّا في نفسه كما يصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام- أو ما ينتابه مما يَحتاج إلى ذِكرٍ فإنه يَذكر في نفسه دون لفظه، والله أعلم.