تأخير صلاة الخسوف إلى ما بعد صلاة الفجر؛ لعدم حضور المصلين قبلها

السؤال
إذا وقع الخسوف قبل صلاة الفجر وكان الوقت ضيِّقًا، والناس لا تحضر للصلاة، فهل تُؤخَّر صلاة الخسوف إلى ما بعد صلاة الفجر، ونصليها حتى ولو أشرقتْ علينا الشمس؟
الجواب

صلاة الخسوف بالنسبة للقمر في هذه الصورة، أو بالنسبة للشمس في النهار، عامة أهل العلم على أنها سُنَّة مؤكَّدة، ونقل النووي الإجماع على ذلك، وقال بعضهم بوجوبها، وممن قال بالوجوب أبو عوانة في صحيحه: (باب وجوب صلاة الكسوف) [2/92]، مما يَخرم الإجماع الذي ذكره النووي، وهو معروف بتساهله في ذلك، ولهذه المسألة نظائر: قال النووي: (وعيادة المريض سُنَّة اتفاقًا)، والبخاري -رحمه الله تعالى- ترجم في صحيحه: (باب وجوب عيادة المريض) [7/115]، إلى غير ذلك من المسائل التي هي معروفة عند النووي -رحمه الله-، مما يدل على تساهله في نقل الإجماع.

على كل حال صلاة الكسوف جاء الأمر بها: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، يخوِّف بهما عباده، فإذا رأيتموهما فصلوا» [البخاري: 1040]، هذا أمر بالصلاة مربوط بوقت، وعلى هذا تُصلَّى صلاة الكسوف إذا وُجِد سببها؛ لأن هذا الأمر خاص بهذه الصلاة ومربوط بسبب، والمتَّجه أيضًا حينئذٍ الوجوب.

على كل حال إذا حصل الكسوف في الوقت المسؤول عنه (قبل صلاة الفجر وكان الوقت ضيِّقًا، والناس لا تحضر للصلاة، فهل تُؤخَّر إلى ما بعد صلاة الفجر، ونصليها حتى ولو أشرقتْ علينا الشمس؟) الأصل أن يُنادى لها إذا رُئي هذا الكسوف: (الصلاة جامعة)، فإذا حَضَر مَن حَضَر يُصلَّى بهم في أول الوقت صلاةً يَحصل بها المطلوب، ولا يترتَّب عليها تأخير صلاة الصبح، فيصلي صلاة الكسوف بمقدارٍ مناسب: لا يؤخِّر صلاة الصبح، وتؤدَّى في وقتها؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- يقول: «فإذا رأيتموهما فصلوا»، يعني: بمجرد الرؤية نصلي، فيُنادى لها، ويُصلى بمَن حَضَر، ولا يُنتظَر مَن لم يحضر، فإذا لم يحضر أحد إلا لصلاة الصبح، وكان الوقت قد ضاق على صلاة الصبح، فإن الفريضة تُقدَّم في وقتها، وحينئذٍ إذا صلوا يكون وقت الكسوف إما قد انجلى، أو ذهب وقت الانتفاع به، وسلطانه ينتهي بطلوع الشمس أو قبلها بقليل بالإسفار، والله أعلم.