أسباب الكسوف والخسوف جاء بيانها في الحديث الصحيح من قوله -عليه الصلاة والسلام-: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله تعالى يخوف بهما عباده» [البخاري: 1048]، وقال: «فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى ينجلي» [البخاري: 1060]، فبين النبي -عليه الصلاة والسلام- أن الحكمة من وجود الكسوف أو الخسوف للشمس أو القمر إنما هو التخويف {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} [الإسراء: ٥٩]، فهو يخوف بهما عباده -جل وعلا-، ومع ذلك هناك إشارة إلى أن الذنوب والمعاصي لاسيما ما يتعلق بالفواحش والمنكرات أنها من أعظم الأسباب في هذا التخويف، وقد يصاحب هذا التخويف شدائد وأمور من زلازل أو فيضان أو ما أشبه ذلك، وهذا من تمام التخويف، و«ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته» [البخاري: 1044]، وهذا في الخطبة أو في الكلمة التي ألقاها النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما كسفت الشمس، بيّن أن هذا التخويف سببه الذنوب والمعاصي. ويعين على انكشافه الصلاة والاستغفار والصدقة والعتق وغير ذلك من أعمال الخير والبر التي يتقرب بها إلى الله -جل وعلا- مما يعين على انكشاف هذه الآيات.
يقول السائل: (وهل للمرأة أن تصلي مع جماعة النساء في بيتها صلاة الكسوف أو الخسوف؟) ثبت في الحديث الصحيح أن عائشة –رضي الله عنها- صلت في المسجد وغيرها من النساء، ودخلت أسماء ورأت الناس يصلون فاستنكرت؛ لأنه في غير وقت صلاة، في الضحى، وأشارت لعائشة -رضي الله عنها- ما يدل على استنكارها، فأشارت عائشة إلى السماء، فرفعت أسماء رأسها ورأت الشمس وقد انكسفت فقالت: آية؟ فأشارت عائشة برأسها أن نعم، [البخاري: 1053] برأسها ولم تلفظ بذلك، فدل على أن النساء يصلين صلاة الكسوف مع الجماعة، وإذا حصل هذا في بيوتهن تأدت به السنة. والعلماء يختلفون في حكم صلاة الكسوف، وعامتهم على أنها سنة مؤكدة، وأوجبها بعضهم حتى قال أبو عوانة في صحيحه: (باب وجوب صلاة الكسوف)، والنووي -رحمه الله- نقل الإجماع على أنها سنة، ومع صريح الأمر «فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا»، وهذا معوّل أبي عوانة على وجوب صلاة الكسوف، لكن قول عامة أهل العلم أنها سنة مؤكدة، والله أعلم.