أخذ الأجرة على إمامة الناس في الصلاة

السؤال
هل يجوز أخذ أجرة على إمامة الناس والصلاة بهم، علمًا بأن لي وظيفة رسميَّة وراتبًا، ولا يوجد في مكان العمل مَن يصلي بالناس ويجيد القرآن غيري؟
الجواب

الأصل في القُرَب كالإمامة –مثلًا-، وتعليم القرآن والحديث والعلم الشرعي، أن تُفعَل بغير مقابِل؛ قربةً لله -جلَّ وعلا-، والتماسًا للأجر والثواب منه -سبحانه وتعالى-، وإذا بُذِل لمن تولى الإمامة أو تعليم القرآن أو غيره من بيت المال فلا إشكال في ذلك، ولذا يقولون في كتب الفقه: (ويجوز أخذ الجعالة)، علمًا بأن الإمامة لا تجوز المشارطة فيها، وأنه لا يصلي بالناس إلا بكذا، وسُئل الإمام أحمد –رحمه الله- عمَّن يقول ذلك فقال: هذا رجل سوء، من يصلي خلفه؟!

فإذا أَخذ الجعالة وما يُصرَف له من بيت المال من غير مشارطة فلا شيء في ذلك، فيجوز أخذ الجعالة لمن تولَّى ذلك من بيت المال، أما المشارطة والمحاسبة بدقَّة: الفرض بكذا، ولا أصلي بكم إلا بكذا، فهذا لا يجوز.

وأخذ الأجرة على تعليم القرآن جاء في الحديث الصحيح: «إن أحقَّ ما أخذتم عليه أجرًا كتابُ الله» [البخاري: 5737]، فلذلك من أهل العلم من أجاز استدلالًا بهذا الحديث أخذ الأجرة على تعليم القرآن، ومن باب أولى تعليم السُّنَّة، مع أن أهل الحديث يختلفون في ذلك، ومن باب أولى العلوم الأخرى، حتى إن بعض العلماء من أهل الحديث يمتنع من أخذ الأجرة على تعليم الحديث ورواية الحديث، وبالنسبة للعلوم الأخرى يأخذ الأجرة ويشارط عليها، فيقول: (كل بيتٍ من "ألفية ابن مالك" بدرهم)، فيُعلِّم كل بيت من (ألفية ابن مالك) بدرهم، هذا ذُكِر في تراجم أهل العلم.

وعلى كل حال أخذ الأجرة بدءًا من تعليم القرآن الكريم استدلالًا بالحديث «إن أحقَّ ما أخذتم عليه أجرًا كتابُ الله» المتَّجه الجواز، وإن كان الورع أن يُعلِّم مجانًا، وجاء في الخبر الذي لا يصح رفعه: "ابن آدم، عَلِّم مجانًا كما عُلِّمتَ مجانًا" [حلية الأولياء: 2/220]، فأخذ الأجرة على الإمامة المشارطة فيها لا تجوز، وأخذ الجعالة من بيت المال وما يُصرف من بيت المال لا إشكال فيه من غير مشارطة، وأما بالنسبة لتعليم العلم من القرآن والسُّنَّة والعلوم الشرعية وغيرها من العلوم فلا بأس به، وإن كان الورع ترْكه وأن يكون هذا من باب التماس الأجر والثواب من الله -جل وعلا-، والله أعلم.