معنى قول الله تعالى: {قال إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون}

السؤال
ما معنى قول الله تعالى: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}؟
الجواب

هذا من قول نبي الله يعقوب –عليه السلام- لأبنائه، قال: إنه يشكو بثَّه وحزنَه إلى الله -جل وعلا- لا إلى غيره، وفي (تفسير الطبري) قال: ({إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي} أشكو همي {وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} -جل وعلا لا إلى غيره-،...وأما قوله: {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [يوسف: 86] فإن ابن عباس كان يقول في ذلك فيما ذُكر عنه ما حدثني به محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس في قوله: {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} يقول: "أعلم أن رؤيا يوسف صادقة، وأني سأسجد له").

وفي (تفسير البغوي): (قال يعقوب -عليه السلام- عند ذلك لما رأى غلظتهم: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ}، والبثُّ: أشد الحزن، سُمي بذلك؛ لأن صاحبه لا يصبر عليه حتى يبثَّه أي: يُظهره، وقال الحسن: بثِّي: أي حاجتي. ويُروى أنه دخل على يعقوب جار له وقال: يا يعقوب، ما لي أراك قد تهشَّمتَ وفنِيتَ ولم تبلغ من السن ما بلغ أبوك؟ قال: هشَّمني وأفناني ما ابتلاني الله به من همِّ يوسف، فأوحى الله إليه: يا يعقوب أتشكوني إلى خلقي؟ فقال: يا رب خطيئة أخطأتُها فاغفرها لي، فقال: قد غفرتُها لك، فكان بعد ذلك إذا سُئل قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله...وقوله: {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} يعني: أعلم من حياة يوسف ما لا تعلمون)، والله أعلم، هذا من (تفسير البغوي).

والآية ظاهرة في معناها أن نبي الله يعقوب –عليه السلام- إنما يشكو إلى الله لا إلى غيره، ماذا يشكو؟ بثَّه وحزنَه، وكما قيل: البثُّ: أشد الحزن، ولو فُسِّرَ البثُّ بنفس الشكوى؛ إذ إن الإخبارَ نفسَه بما في نفسِه بثٌّ لهذه الشكوى على الخلق، ولذا جاء العتاب في الخبر: "أتشكوني إلى خلقي؟"، فكأن المعنى يوحي إلى ذلك، والله أعلم.