حفظ القرآن من غير تجويد

السؤال
هل يجوز حفظ القرآن من غير تجويد؟ 
الجواب

علماء التجويد والذين لهم اهتمام بالقرآن وأحكامه وتجويده يؤثِّمون من يقرأ القرآن بغير تجويد، ولا شك أن القرآن إذا قرئ على الوجه المأمور به من الترتيل والتدبر لا شك أنه أفضل بكثير ممن يقرؤه على غير هذا الوجه، والقراءة على الوجه المأمور به من الترتيل الذي يتضمن التجويد لا شك أنها أنفع للقلب وأقرب إلى السنة من قراءة الهذِّ التي ليس فيها تجويد، وقد يقرأ الإنسان ويتدبر لكنه لا يحسن التجويد، وأهل التجويد يشددون في ذلك، ولكن اختلاف العلماء أو القرَّاء في أحكام التجويد فيما بينهم لا شك أن هذا يدل على أن في الأمر سعة، فإذا كانت القراءة على وجه لا يحيل المعنى وكانت سمحة سهلة مؤثرة فالذي يظهر -إن شاء الله- أنه لا بأس بها، مع أن الاهتمام بتجويد القرآن وتحسين الصوت وتزيينه والقراءة بالتدبر والترتيل على الوجه المأمور به لا شك أنه أكمل وأعظم أجرًا.

وابن القيم -رحمه الله تعالى- في (زاد المعاد) ذكر الخلاف بين أهل العلم في القراءة بالترتيل وقراءة الهذِّ أيهما أفضل مع كثرة المقروء وقلته، فمثلًا: إذا قرأ في الساعة جزئين بالتدبر والترتيل، أو قرأ في الساعة خمسة أجزاء، أيهما أفضل؟ جمهور أهل العلم على أنه يقرأ جزئين على الوجه المأمور به بالتدبر والترتيل أفضل، ويُذكر عن الشافعي أن تكثير الحروف أفضل، وابن القيم -رحمه الله تعالى- يقول: لا شك أن تكثير الحروف مطلوب، وفي كل حرف عشر حسنات كما جاء في ذلك الحديث الصحيح، لكن يبقى أن المفاضلة بين الأمرين فيما هو أنفع للقلب وأكثر أثرًا في السلوك وتقوية الإيمان.

فتدبر القرآن إن رمت الهدى

فالعلم تحت تدبر القرآن

وشيخ الإسلام ابن تيمية يقول: القراءة على الوجه المأمور به -يعني بالتدبر والترتيل- أنفع للقلب، وتورث القلب من العلم والإيمان والطمأنينة والراحة ما لا يدركه إلا من عمل به. ويمثِّل ابن القيم -رحمه الله- من قرأ القرآن بالتدبر والترتيل مع قلة الحروف ولو في ختمة واحدة مثلًا في الشهر مع من يختم عشر مرات في الشهر من غير تدبر ولا ترتيل وإنما بالهذِّ مَثَّلَه بمن يهدي دُرَّةً وبمن يهدي عشر دُرر، وهذه الدرة قيمتها مثلًا مائة ألف، والعشر الدرر قيمة كل واحدة منها ألف أو ألفان، فالفرق أضعاف مضاعفة، فلا شك أن الانتفاع بالقرآن إنما يكون بقراءته على الوجه المأمور به، ولا شك أن هذا أكمل، وبعضهم يوجب ذلك ويرى أنه لا بد أن يتدبر القرآن، وجاء الأمر بتدبر القرآن في أربعة مواضع، وكذلك الترتيل جاء الأمر به، فلا شك أن هذا أولى وأكمل وإن كانت القراءة على الوجه الآخر بشيء من الهذِّ والسرعة قد تُحَصِّل أجر الحروف، لكن يفوت الأجر العظيم المرتب على انتفاع القلب.